من المفاهيم عن العمل و (السلب والإيجاب) و (الإثبات والنفي) ما يشلُّ طاقات التحرّك، وكان يريد أن يغيّر تلك الأخلاقيّة دون أن يستفزّها.
أ- كان يواجه الأخلاقيّة التي تمثّلت في كلامٍ للأحنف بن قيس- كما قلنا بالأمس[1]– حينما وصف المتحرّكين في ركاب الإمام الحسين بأنّهم اولئك «الذين لا يوقنون»، و [بأنّهم] اولئك الأشخاص الذين يتسرّعون قبل أن يتثبّتوا من وضوح الطريق.
هذا المفهوم من الأحنف بن قيس كان يعبّر عن موقف أخلاقيّة الهزيمة من التضحية، [وهو] أنّ التضحية والإقدام على طريقٍ قد يؤدّي إلى الموت [هو] نوعٌ من التسرّع وقلّة الأناة، والخروجِ عن العرف المنطقي للسلوك.
هذا المفهوم هو معطى أخلاقيّة الهزيمة، هذا المفهوم الذي تبدّل بعد حركة الحسين (عليه الصلاة والسلام) و [حلَ] بديله، [أي] مفهومُ التضحية، الذي على أساسه قامت حركة التوّابين، حركةُ أربعةِ آلافٍ لا يرون لهم هدفاً في طريقهم إلّا التضحية؛ لكي يكفّروا بذلك عن سيّئاتهم وموقفهم السلبي تجاه الإمام الحسين[2].
ب- أخلاقيّة الهزيمة هي هذه الأخلاقيّة التي انعكست في كلام لأخي الحسين عمر الأطرف، حينما قال للإمام الحسين (عليه السلام): «أنْ تبايع يزيد خيرٌ لك من أن تقتل»[3]، من أن تموت.
أخلاقيّة الهزيمة هذه هي التي تبدّلت بعد هذا خلال خطّ حركة الحسين (عليه السلام)، وانعكست في مفهومٍ لعليِّ بن الحسين حينما قال لأبيه: «أوَ لسنا
[1] في المحاضرة التاسعة عشرة، تحت عنوان: المشهد الثالث.
[2] « كان منهم بالكوفه زهاء عشرين ألف رجل» الأخبار الطوال: 288. وانظر: تاريخ اليعقوبي 258: 2،[ ثورة المختار]؛ تاريخ الامم والملوك( الطبري) 38: 6، ذكر الخبر عن أمر المختار مع قتلة الحسين بالكوفة.
[3] اللهوف على قتلى الطفوف: 26- 27، وهو عمر بن علي بن أبي طالب( عليه السلام).