والضمير هي أساس هذه الهزيمة[1].
أ- عبيد الله بن زياد يبعث على هانئ بن عروة، يقول له: «تعالَ زر الأمير، الامراء لا يطيقون الجفاء، لماذا أنت منقطع عن الأمير؟»، هذا في الوقت الذي [كان فيه][2] مسلم بن عقيل موجوداً في بيت هانئ بن عروة، والشيعة يذهبون إلى زيارة مسلم متستّرين كما سوف نذكر بعد هذا إن شاء الله [غداً][3].
[1] أي:« الانهيار العجيب المفاجئ في ساعة».
[2] ما بين عضادتين أضفناه للسياق.
[3] في المحاضرة العشرين، تحت عنوان: أساليب تحويل أخلاقيّة الهزيمة إلى أخلاقيّة الإرادة دون استفزازها، الاسلوب الأوّل.
ومن القضايا التي لم يتعرّض لها الشهيد الصدر( قدّس سرّه) في هذه المحاضرات وتعرّض لها في بعض أجوبته الخطيّة: عيادة عبيدالله بن زياد شريك بن الأعور عندما كان الأخير مع مسلم بن عقيل في دار هانئبنعروة؛ حيث أرسل عبيد الله بن زياد إلى شريك أنّه رائحٌ إليه العشيّة، فقال لمسلم:« إنّ هذا الفاجر عائدي العشيّة، فإذا جلس فاخرج إليه فاقتله، ثمّ اقعد في القصر، ليس أحدٌ يحول بينك وبينه، فإن برئتُ من وجعي هذا أيّامي هذه سرت إلى البصرة وكفيتك أمرها». فلمّا كان من العشي أقبل عبيدالله لعيادة شريك، فقام مسلم بن عقيل ليدخل، وقال له شريك:« لا يفوتنّك إذا جلس»، فقام هانئ بن عروة إليه فقال:« إنّي لا أحبّ أن يقتل في داري»( كأنّه استقبح ذلك)، فجاء عبيدالله بن زياد فدخل فجلس … إلى أن قام وانصرف. فخرج مسلم، فقال له شريك:« ما منعك من قتله؟»، فقال:« خصلتان: أمّا إحداهما فكراهة هانئ أن يُقتل في داره، وأمّا الأخرى فحديثٌ حدّثه الناس عن النبي( صلّى الله عليه وآله): إنّ الإيمان قيَّد الفتك، ولا يُفتك مؤمن، فقال هانئ: أما والله لو قتلته لقتلت فاسقاً فاجراً كافراً غادراً، ولكنْ كرهتُ أن يقتل في داري»، فراجع: تاريخ الامم والملوك( الطبري) 363: 5.
وقد سئل الشهيد الصدر( قدّس سرّه) عن هذه الحادثة السؤالَ التالي:« هل هناك قيمة فقهيّة للمروي تاريخيّاً عن مسلم بن عقيل( رضي الله عنه): أنّ الذي منعه من قتل عبيدالله بن زياد غدراً هو حديث علي عن رسول الله( صلّى الله عليه وآله): إنّ الإيمان قيّد الفتك، فلا يفتك مؤمن»، فأجاب بما يلي:« لا توجد قيمةٌ فقهيّةٌ لهذا المرويِّ تاريخيّاً، وأكبرُ الظنّ أنّ إحجام مسلم عن قتل عبيدالله بن زياد كان بسبب[ تشكيكه] في موضوعيّة الاقتراح الذي طُرح عليه ومدى جديّة الضيف المقترح والمضيف في التجاوب معه؛ إذ كان الأحرى بهم في موقف من هذا القبيل أن يبادروا إلى التخطيط لقتل ابن زياد بدلًا عن توريط مسلم في المباشرة بنفسه والكشف عن وضعه بصورة مطلقة» محمّد باقر الصدر .. السيرة والمسيرة في حقائق ووثائق 36: 3، الوثيقة 203. وراجع كلاماً آخر له( قدّس سرّه) ول الموضوع نفسه ممّا نقل عنه ولم يصلنا بخطّه في: المصدر نفسه: 401: 2- 402.