هناك.
ولعلّ هذا كان أنفع أو أسلم على الخطّ القصير؛ لأنّه يمكِنُه في اليمن أن يعتصم من يزيد بن معاوية إلى برهةٍ من الزمن. ولكنّه سوف لن يحقّق بذلك المكسب المقصود؛ لأنّه بهذا سوف ينعزل ويتقوقع ويحيط نفسه بإطارٍ منغلق، بينما مسرح الأحداث وقتئذٍ كان هو الشام والعراق والمدينة ومكّة في كلّ العالم الإسلامي.
كان لا بدّ أن يباشر عمليّته على مسرح الأحداث حتّى يمكن لهذه العمليّة أن تنعكس على كلّ العالم الإسلامي، ويمكن لهذه العمليّة أن تؤثّر تربويّاً وروحيّاً وأخلاقيّاً ودينيّاً في كلّ العالم الإسلامي.
ولماذا يذهب إلى زاويةٍ من الزوايا فيعيش هناك؟ لأجل أن يُنشئ مجتمعاً إسلاميّاً؟!
هذا هو الشيء الذي لم يكن بالإمكان على عهد أبيه (عليه الصلاة والسلام) في الكوفة، التي كان فيها عددٌ كبير من البقيّة الصالحة من الصحابة والتابعين، كانت الظروف الموضوعيّة لا تسمح بذلك في الكوفة لعليٍّ، فكيف تسمح بذلك للحسين في اليمن؟!
أو يذهب لليمن لكي يمدّد عمره برهة أطول؟!
مثل هذا لا يتّفق مع مقصوده (عليه الصلاة والسلام). هو يريد أن يعيش على مسرح الأحداث لكي يستطيع بذلك أن يساهم في التغيير الذهني والروحي والنفسي للُامّة الإسلاميّة.
الموقف الرابع: رفض المبايعة وهزّ ضمير الامّة بحيثيّات الخروج:
ولهذا كان لا بدّ له (عليه السلام) أن يختار الموقف الرابع الذي استطاع به:
1- أن يهزّ ضمير الامّة من ناحية.