أن يكذب على الله أو على رسوله، أو أن لا يؤدّي الأمانة كما هي.
جَمَع البقيّة الباقية من المهاجرين والأنصار والتابعين لهم من حملة تراث محمّد (صلّى الله عليه وآله) ووقف فيهم خطيباً، وقال ما مضمونه: إنّ تراث النبي، وإنّ مفهوم الإمام علي يعيش الآن في خطر، وعليكم أن تنقذوا هذا التراث وهذا المفهوم من الخطر، وإنقاذ ذلك بأن تشهدوا بكلّ ما سمعتم من رسول الله (صلّى الله عليه وآله) في هذا الخطّ، ولو تحمّلتم في هذا السبيل كلّ ما تحمّلتم من وسائل الإخافة والتهديد والحرمان من قبل طاغوت هذا الزمان[1].
هؤلاء البقية الباقية من المهاجرين والأنصار الذين استجابوا لدعوة الإمام الحسين هزّهم الإمام الحسين، وهزّتهم هذه المظلوميّة التي يعيشها خطّ الإمام الحسين، وهزّهم موقفُ عرفات ويومُ عرفة، الزمانُ والمكانُ والشخصُ، فتبارى هؤلاء، انطلقت ألسنتهم في يوم [الحجيج][2] مع المسلمين، فكان يقف الواحد منهم تلو الآخر وينقل ما كان يستذكره وقتئذٍ من أحاديث عن النبيّ (صلّى الله عليه وآله).
وكان كلّ حديثٍ من هذه الأحاديث، كانت قيمته الواقعيّة النفسيّة وقيمته الموضوعيّة أكبر بكثيرٍ من مئاتٍ من الروايات التي تنقل في الحالة الاعتياديّة؛ لأنّ هذا حديث يتحدّث به إنسان وأمامه جبروت معاوية وسيف معاوية وظلم معاوية بن أبي سفيان.
بهذا استطاع الإمام الحسين أن يثبّت معالم النظريّة، وأن يرسّخ في أذهان الامّة الإسلاميّة أنّه لا يزال هناك بقيّة من حملة تراث محمّد (صلّى الله عليه وآله) يعبّرون
[1] كتاب سليم بن قيس: 788- 789؛ الاحتجاج 296: 2. وقد تقدّم الاستشهاد بهذه الحادثة في المحاضرة الرابعة، تحت عنوان: المعطى على مستوى الدراسة الكلّيّة.
[2] ما بين عضادتين غير واضح في المحاضرة الصوتيّة، ولعلّه:« الحجيج»، وفي( غ):« ألسنتهم بالحديث مع المسلمين»، ولكنّه ليس كذلك حتماً.