شخصاً مرفّهاً، كان شخصاً لا يصله ظلمُ بني اميّة إلّا بالقدر الذي يصل الإسلام من بني اميّة، وبنو اميّة كانوا يحافظون[1] جدّاً على أن لا يصلوا بظلمهم إلى المصالح الشخصيّة للحسين (عليه السلام).
فالمصالح الشخصيّة للحسين (عليه السلام) كانت متوفّرة: المال كان كثيراً، الجاه كان عظيماً، المنزلة كانت كبيرة، مئات وملايين من المسلمين كانوا يتهافتون على التبرّك بالإمام الحسين (عليه السلام). فالإمام الحسين (عليه السلام) لم يكن جوعاناً، ولا محتاجاً إلى مالٍ ولا إلى جاهٍ ولا إلى مجدٍ ولا إلى تقديس[2]، كان كلّ هذا متوفّراً عنده. هذه الحياة المثلى- في نظر ذلك الإنسان اللامثالي[3]– كانت متوفّرةً عند الحسين (عليه السلام)، بينما لم تكن متوفّرةً لدى جماهير المسلمين.
ومع هذا، رأت الامّة أنّ هذا الإنسان الذي تتوفّر لديه كلّ أسباب النعيم والرخاء، كلّ أسباب السعادة بمقاييس الجماهير المنخفضة، هذا الإنسان يطلّق هذه الحياة، ويغلق على نفسه أبواب السعادة في سبيل مقاومة الظالمين والحفاظ على الرسالة.
كانت هذه هي الهزّة الكبرى التي هزّ بها الإمام الحسين (عليه السلام) ضمير الامّة الإسلاميّة. وبمقارنةٍ بسيطةٍ بين السنوات العشرين الفائتة والعشرين اللاحقة ندرك مدى الفرق بين الضمير الثوري للُامّة الإسلاميّة قبل مقتل سيّد الشهداء (عليه السلام) والضمير الثوري للُامّة الإسلاميّة بعد مقتل سيّد الشهداء.
قلت في بداية المحاضرات[4]: إنّ الأئمة (عليهم السلام) كانوا يستهدفون- من جملة
[1] كذا في( م)، وفي( غ) و( ج) و( ن) و( ش):« يخافون».
[2] كذا في( م) و( غ) و( ج)، وفي( ن) و( ش):« تقدير»
[3] كذا في( م)، وفي( غ) و( ج):« هذه الحياة المثلى عن حياة ذلك الإنسان الرسالي»، ولم ترد العبارة في( ن) و( ش)، ولعلّ الصحيح ما في( م).
[4] راجع: المحاضرة الثالثة، تحت عنوان: انعكاسات دور الأئمّة( عليهم السلام) الإيجابي في الحفاظ على الرسالة؛ المحاضرة الرابعة، تحت عنوان: مراحل تاريخ أئمّة أهل البيت( عليهم السلام)، المرحلة الاولى: مرحلة تفادي صدمة الانحراف.