كانت الامّة في ذلك العصر مسلوبة الإرادة، أَلَم يقل ذلك الشخص للإمام الحسين (عليه السلام) بأنّ أهل الكوفة «سيوفهم عليك وقلوبهم معك»[1]؟! انظروا إلى موت الإرادة إلى أيّ درجةٍ [هو]! وهذا معناه[2] أنّ الإرادة ميْتة.
فأراد أبو عبد الله (عليه السلام) أن يحرّك هذه الإرادة، أراد أن يخرجها من أسرها الاموي لتصبح قوّةً وطاقةً فاعلةً متحرّكةً مخيفةً للحكّام الظالمين، المسلم كان يسترخص كرامة الإسلام في سبيل عيشه الرخيص.
الإمام الحسين (عليه السلام) حينما يتقدّم إلى خطّ الجهاد، حينما يبذل آخر قطرةٍ من دمه، حينما يبذل وجوده ووجود صحبه وأهل بيته وذويه، حينما يقدّم كلّ هذه التضحيات في سبيل الإسلام …[3] ومن هو الحسين (عليه السلام)؟[4]
الحسين هو شخصٌ كان يعيش عيشاً لا تعيشه أكثر هذه الجماهير. كان من أكثر المسلمين غنىً، كان من أكثر المسلمين جاهاً، كان من أكثر المسلمين عزّاً، كان سعيداً في حياته البيتيّة[5] وحياته الاجتماعيّة وحياته الماليّة، كان
[1] المعروف أنّه قولُ الفرزدق، فراجع: الأخبار الطوال: 245؛ مقاتل الطالبيّين: 111؛ دلائل الإمامة: 74؛ تاريخ الامم والملوك( الطبري) 386: 5. وقد نسب إلى بشر بن غالب الأسدي( الفتوح 70: 5) ومجمع بن عبدالله العائذي( أنساب الأشراف 172: 3؛ تاريخ الامم والملوك( الطبري) 405: 5؛ تجارب الامم 65: 2؛ الكامل في التاريخ 49: 4).
[2] في( م) و( غ) و( ج):« وهذا معنى»، ولم ترد العبارة في( ن) و( ش)، ولعلّ الصحيح ما أثبتناه، والمراد:« وقولُ ذلك الشخص معناه أنّ الإرادة ميْتة».
[3] عدل( قدّس سرّه) إلى سياقٍ آخر قبل إتمام العبارة، وتتّضح تتمّتها ممّا يأتي، خاصّةً ما يأتي في آخر العنوان عند قوله( قدّس سرّه):« حصّن الامّة الإسلاميّة ضدّ التميّع وضدّ الانحلال …».
[4] ستتكرّر هذه الفكرة منه( قدّس سرّه) مراراً، فراجع: المحاضرة الخامسة عشرة، تحت عنوان: الفرق بين موقفي الحسنين( عليهما السلام) على ضوء الاعتبار الأوّل، الإمام الحسين( عليه السلام) يواجه مرض موت الإرادة؛ المحاضرة السادسة عشرة، تحت عنوان: عدم تعرّض الإمام الحسين( عليه السلام) للظلم أصّل موضوعيّة حركته؛ المحاضرة الثامنة عشرة، تحت عنوان: مقوّمات ثورة الإمام الحسين( عليه السلام)، المقوّمات الشخصيّة للثائر.
[5] كذا في( م) و( غ) و( ج) و( ن) و( ش).