من قِبل شباب قبائلهم، يعطون الأخبار والأرقام لشرطة معاويةبنأبي سفيان ليضربوا هذا التحرّك ويسرقوا أنفاس هؤلاء الشباب[1].
هؤلاء الشيوخ كانوا شيعةً لعليّ (عليه السلام) ويؤمنون به، فكيف بغيرهم؟!
ماتت الضمائر، ومات الدين، ماتت إرادة المسلمين، واستسلم المسلمون السنوات العشرين التي حكمها معاوية، والتي هي من أخزى الفترات التي مرّت في تاريخ الامّة الإسلاميّة على الإطلاق.
كلّ إنسانٍ كان يحسّ إحساساً واضحاً بأنّه مظلوم، وأنّ الامّة الإسلاميّة ككلٍّ مهدّدة بالخطر، وأنّ الإسلام في مهبّ الريح، وأنّ أحكام الشريعة يُتلاعب بها، وأنّ الحاكم لا يفكّر إلّا في نفسه، وإلّا في وجوده وفي مصالحه الخاصّة.
هذا كان واضحاً عند كلّ إنسان، ولكن كلّ إنسانٍ كان لا يفكّر أن يبدأ هو، لا يفكّر في أن يتقدّم هو. كلّ إنسانٍ كان حينما يفكّر في أن يتقدّم يفكّر قبل هذا بالدراهم التي يقبضها في آخر الشهر والتي سوف تنقطع عنه، فكان يحجم عن الإقدام. كانت كرامة كلّ إنسانٍ وكرامة امّته ودينه أرخص عنده من هذا العيش الذليل، أرخص عنده من هذا العطاء الرخيص الذي يتقاضاه آخر الشهر من قبل معاوية.
فكان لا بدّ- والحالة هذه- من شخصٍ يقوم بدورٍ يحوّل هذه الضمائر ويحوّل هذه الإرادة، ينقذها من الموت إلى الحياة، ولم يكن يوجد وقتئذٍ شخصٌ يمكن أن يقوم بهذه المهمّة إلّا الحسين (عليه السلام).
***
[1] « وكتب جماعةٌ من رؤساء القبائل إلى معاوية بالطاعة له في السرّ، واستحثّوه على السير نحوهم، وضمنوا له تسليم الحسن( عليه السلام) إليه عند دنوّهم من عسكره أو الفتك به» الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد 2: 12.