فلا يستجيبون[1]؛ لأنّهم بدؤوا يشكّون، والشكُّ في القائد هو أقسى[2] ما يمنى به هذا القائد المخلص، والشكُّ في القائد هو أخطر[3] ما تمنى به الامّة التي تزعّمها هذا القائد.
بالرغم من هذا الشكّ قلنا في ما سبق[4] بأنّ الإمام (عليه السلام) لم يضعف، لم يقف، ولم يتراجع، ولم يتردّد، بقي في المعركة، بقي يواصل عمليّة التعبئة للجهاد لتصفية هذا الانشقاق إلى آخر ساعة من حياته. خرّ صريعاً في المسجد وكان هناك بداياتُ جيشٍ يتجهّز للخروج إلى الشام والقضاء على معاوية بن أبي سفيان[5].
***
[1] قال( عليه السلام):« فإذا أمرتكم بالسّير إليهم في أيّام الحرّ قلتم هذه حمارّة القيظ، أمهلنا يسبّخ عنّا الحرّ. وإذا أمرتكم بالسّير إليهم في الشتاء قلتم هذه صبارّة القرّ؛ أمهلنا ينسلخ عنّا البرد» نهج البلاغة: 70، الخطبة 27، وقال( عليه السلام):« مُنيت بمن لا يُطيع إذا أمرتُ، ولا يجيب إذا دعوتُ .. أقوم فيكم مستصرخاً واناديكم متغوّثاً، فلا تسمعون لي قولًا ولا تطيعون لي أمراً، حتّى تكشّف الامور عن عواقب المساءة ..» نهج البلاغة: 81- 82، الخطبة 39.
[2] كذا في( م)، وفي( غ) و( ج) و( ن):« أقصى»، ولعلّ الصادر منه( قدّس سرّه) هو ما أثبتناه.
[3] كذا في( م)، وفي( غ) و( ج):« أخشى»، والمقصود: أكثر ما يُخشى منه، وفي( ن):« أخسّ».
[4] في ذيل المحاضرة الحادية عشرة، تحت عنوان: الامّة وقائدها شريكان في الامتحان العصيب.
[5] « كان أمير المؤمنين عليٌّ قد بايعه أربعون ألفاً من عسكره على الموت لمّا ظهر ما كان يخبرهم به عن أهل الشام، فبينما هو يتجهّز للمسير قتل( عليه السلام)» الكامل في التاريخ 404: 3.