الأهداف الحقيقيّة لها، وكان الأمينَ الأوّل من قِبَل رسول الله (صلّى الله عليه وآله) على التجربة، على استقامتها، على صلابتها، على عدم تميّعها على الخطّ الطويل الذي سوف يعيشه الإسلام والمسلمون بعد النبي (صلّى الله عليه وآله).
فالعمل كان بروح الرسالة ولم يكن بروحه هو، كان عملًا بروح تلك الأهداف الكبيرة ولم يكن عملًا بروح مصالحه الشخصيّة، لم يكن يريد أن يبني زعامةً لنفسه، وإنّما كان يريد أن يبني زعامة الإسلام، وقيادة الإسلام في المجتمع الإسلامي، وبالتالي في مجموع البشريّة على وجه الأرض[1].
تعارض الوجهين: الواقعي والظاهري:
هذان وجهان مختلفان، وهما قد يتعارضان في نفس العامل نفسِه، وقد يتعارضان في نفس الأشخاص الآخرين الذين يريدون أن يفسّروا عمل هذا العامل.
أ- أمّا في نفس العامل، فقد يتراءى له في لحظةٍ أنّه يريد أن يبني زعامة الإسلام لا زعامة نفسه، إلّا أنّه خلال العمل إذا لم يكن مُزوّداً بوعيٍ كامل، إذا لم يكن مزوّداً بإرادةٍ قويّة، إذا لم يكن قد استحضر في كلّ لحظاته وآنات حياته أنّه يعيش هذه الرسالة ولا يعيش نفسه، إذا لم يكن هكذا فسوف يحصل في نفسه- ولو لاشعوريّاً- انفصامٌ بين الوجه الظاهري للعمل والوجه الواقعي له، سوف تُخلَق في نفسه التناقضات، وسوف تضيع عليه خلال العمل وخضمِّ المشاكل كلُّ الأهداف، أو جزءٌ كبيرٌ منها، وسوف تتغلّب زعامته الشخصيّة على حساب تلك الأهداف، سوف ينسى أنّه لا يعمل لنفسه بل يعمل لتلك الرسالة، سوف ينسى أنّه ملكٌ لغيره وليس ملكاً لنفسه.
[1] فقال( عليه السلام) لمّا عزموا على بيعة عثمان:« لقد علمتم أنّي أحقّ الناس بها من غيري. ووالله! لُاسلمنّ ما سلمت أمور المسلمين ولم يكن فيها جور إلّا عليّ خاصّة؛ التماساً لأجر ذلك وفضله، وزهداً في ما تنافستموه من زخرفه وزبرجه» نهج البلاغة: 102، الخطبة 74.