وجوده وجوانب حياته بربٍّ واحدٍ أحد.
هذه الفكرة هي القاسم المشترك بين كلّ النبوّات والرسالات التي عاشها الإنسان منذ [خلقه] الله على وجه الأرض[1].
إلّا أنّ هذه الفكرة- فكرة التوحيد- ليست ذات درجةٍ حدّيّة، وإنّما هي بنفسها ذات درجاتٍ من العمق والأصالة والتركيز والترسّخ؛ فهذه الدرجات المتفاوتة كان لا بدّ- بمقتضى الحكمة الإلهيّة- أن يُهيّأ الإنسان لها بالتدريج، هذا الإنسان الذي غرق- بمقتضى تركيبه العضوي والطبيعي- في حسّه ودنياه، حينما يُدعى إلى فكرة التوحيد لا بدّ من أن يُنتزع من عالم حسّه ودنياه بالتدريج لكي ينفتح على فكرة التوحيد، التي هي فكرة الغيب؛ فالغيب يجب أن يُعطى له على مراحل وعلى درجات، كلّ درجة تهيِّئ ذهنه لتلقّي التوحيد على الدرجة الاخرى.
نحن بإمكاننا- بالالتفات إلى فكرة التوحيد المعطاة في التوراة والإنجيل والقرآن الكريم- أن نفهم هذا المعنى.
[نضرب][2] مثالًا على هذا المعنى: التوراة والإنجيل والقرآن؛ كلّ هذه الكتب تعطي فكرة التوحيد.
وأنا حينما أقول: التوراة والإنجيل، أقصد التوراة والإنجيل اللذينيعيشان[3] بيننا اليوم؛ لأنّ هذه التوراة وهذا الإنجيل اللذين يعيشان بيننا اليوم هما- على أيّ حال- يصوّران الفكرة الدينيّة في شعب موسى وشعب عيسى، في قوم موسى وقوم عيسى، ولا شكّ في أنّهما يحتفظان بجزءٍ من النصّ الديني إلى حدٍّ قليلٍ أو كثيرٍ، خاصّةً في التوراة.
[1] كما في قوله تعالى: وَ ما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ الأنبياء: 25.
[2] في المحاضرة الصوتيّة:« نفهم»، وما أثبتناه أنسبُ للمراد.
[3] قمنا بتصحيح ضمائر التذكير والتأنيث والتثنية والجمع دون وضعها بين عضادتين.