هذا الجزء الثاني من الفاجعة تحدّثنا عنه خلال الكلام عن حياة الأئمّة (عليهم الصلاة والسلام)[1]، وسوف نتحدّث عنه أيضاً خلال كلامنا عن مناسباتٍ اخرى في حياة الأئمّة (عليهم الصلاة والسلام).
أودُّ الآن أن أقتصر على الجزء الأوّل من هذه الفاجعة، يعني أن أنظر إلى الحدث الواقع في هذا اليوم بوصفه حدثاً قد وضع حدّاً لتلك الظاهرة العظيمة التي اقترنت مع هبوط الإنسان على وجه الأرض، ظاهرة الوحي، ظاهرة ارتفاع الإنسان وتساميه[2] للاتصال المباشر بالله سبحانه وتعالى.
ففي مثل هذا اليوم وُضِع حدٌّ نهائيٌّ لهذه الظاهرة المباركة الميمونة، وفي بعض الروايات: أنّ جبرائيل (عليه الصلاة والسلام) حينما ارتفع ملائكة السماء بروح محمّدٍ (صلّى الله عليه وآله) إلى ربّها راضيةً مرضيّةً، التفت إلى الأرض مودّعاً، ثمّ طار إلى سماواته[3].
هذا اليوم كان هو يوم انقطاع الإنسانيّة عن الاتصال المباشر بالله سبحانه وتعالى بانتهاء حياة خاتم الأنبياء والمرسلين (صلّى الله عليه وآله).
بهذه المناسبة اريد أن اعطي فكرةً موجزةً- على مستوى بحث اليوم- عن الوحي، هذا الوحي الذي انقطع في مثل هذا اليوم.
الوحي الذي يتمثّل في اتصالٍ خاصٍّ بين الإنسان وبين الله، هذا الوحي هو ضرورةٌ من ضرورات تخليد الإنسان على وجه الأرض. وبهذا[4] خَلَق
[1] حيث يبدو أنّه( قدّس سرّه) قد ألقى محاضراتٍ حول الأئمّة( عليهم السلام) قبل هذه المحاضرة، وإن لم يصلنا من المحاضرات المؤرّخة ما يسبق هذا التاريخ.
[2] هذا ما يبدو من المحاضرة الصوتيّة، وهو أكثر انسجاماً مع السياق، وفي( غ) و( ف):« تفانيه».
[3] عن الإمام زين العابدين( عليه السلام):« .. فقال جبرئيل: هذا آخر وطئي الأرض؛ إنّما كنتَ حاجتي من الدنيا» الأمالي( الصدوق): 275، المجلس 46، الحديث 11؛ بحار الأنوار 505: 22، تاريخ نبيّنا( صلّى الله عليه وآله)، الباب 2، باب وفاته وغسله والصلاة عليه، الحديث 4، وراجع قريباً منه في: إعلام الورى بأعلام الهدى 269: 1.
[4] هذا هو المثبَت في( غ) و( ف)، وهو ما يبدو من المحاضرة الصوتيّة، ويُحتمل كونه:« ولهذا».