الإمام كانت مرحلة تسلّم زمام الحكم، بل بالرغم من كلّ هذا النموّ المتزايد في القواعد الشعبيّة كان الإمام- وكلّ شخصٍ عميقٍ في ملاحظة الظروف الموضوعيّة- يعلم بأنّ الإمام ليس على مستوى تسلّم زمام الحكم؛ لأنّ الحكم الذي يريد أن يتسلّمه الإمام غير هذا الحكم الذي يملك مثل هذه القواعد الشعبيّة.
يعني: هذه القواعد الشعبية التي كانت موجودةً في العالم الإسلامي كانت تهيّئ الإمام (عليه السلام) لِأنْ يتسلّم زمام الحكم على مستوى ما يتسلّمه أيُّ زعيم آخر؛ فبإمكان الإمام الرضا (عليه السلام) أن يتسلّم زمام الحكم على النحو الذي يتسلّمه المنصور، أو على النحو الذي يتسلّمه أبو السرايا، أو على النحو الذي يتسلّمه الأمين أو المأمون، هذا كان بالإمكان؛ لأنّ هناك قواعد ضخمة، وهذه القواعد الضخمة يمكن أن تمدّه بالجيوش الكبيرة، ويمكن أن تمدّه بأموال [كثيرة] أيضاً.
ولكن مثل هذه القواعد لم تكن تصلح قاعدةً للحكم الذي يريده الإمام الرضا (عليه السلام)؛ لأنّ هذه القواعد كانت مرتبطةً بمدرسة الإمام علي ارتباطاً فكريّاً غامضاً عامّاً، وارتباطاً عاطفيّاً حراريّاً قويّاً. هذه الحرارة كان يشعلها في كلّ لحظةٍ الدمُ الطاهر المراق على ساحة الجهاد من ناحية، ومن ناحية اخرى يسعّرها ظلم الظالمين وجبروت الحكّام الذين كانوا قد اعتدوا على أمر هذه الامّة وهتكوا حرمتها وأهدروا كرامتها.
فهذه القواعد التي كانت ترتبط بمدرسة الإمام علي (عليه السلام) كانت ترتبط بها بهذا المستوى، وهذا المستوى من [ارتباط][1] القواعد قد يمهِّد لحكم راسخ
[1] ما بين عضادتين أضفناه للسياق.