ثورته الاسلوبَ الوحيدَ أمام التحديات الكافرة؛ فبعد أن التقى الحرَّ بن يزيد الرياحي (رضي الله عنه) قال (عليه السلام): «هذه أرض الله واسعة، فدعوني أذهب وشأني»[1]، أو ما يقارب هذه العبارة.
وفي هذه الكلمة- في أقلّ تقدير- أن يُترَك الإمام (عليه السلام) يختار حياة العزلة، ولكنّ جيش الحر رفض التخلّي عن أوامر السلطة الجائرة، فجعجعوا به إلى كربلاء[2].
وهناك أيضاً وضع أصحابه أمام الخيار، فلم يُرِدْ إقحامهم في معركة خاسرة من الناحية العسكريّة، لذا جمعهم ليلة العاشر من المحرّم ثمّ خطبهم وقال: «إنّ هذا الليل قد أرخى سدوله فاتّخذوه جملًا، ليس عليكم منّي ذمام»[3]. ولقد رفض هؤلاء الأخيار هذا الطلب حينما قام زهير بن القين فقال: «ماذا نقول للعرب؟!- وفي رواية: لجدّك[4]– أَيقتل ابن بنت رسول الله ونظلّ أحياء؟! لا والله! لا نفعل ذلك أبداً»، وقال غيره مثل قوله[5].
ولمّا كانت المواجهة حتميّة، و [كان] السيف هو الحَكَمَ الفصل، أصرّ الحسين (عليه السلام) على خوض هذا الحرب قائلًا:
[1] « فدعوني أنصرف عنكم إلى مأمني من الأرض» تاريخ الامم والملوك( الطبري) 425: 5، والمفهوم أنّه( عليه السلام) قد قالها بعد الجعجعة لا قبلها.
[2] تاريخ الامم والملوك( الطبري) 408: 5؛ الفتوح 77: 5.
[3] « ليس عليكم منّي ذمام، هذا[ الليل] قد غشيكم، فاتّخذوه جملًا» تاريخ الامم والملوك( الطبري) 418: 5؛ الكامل في التاريخ 57: 4.
[4] الوارد قولُ سعيد بن عبدالله الحنفي:« والله لا نخلّيك حتّى يعلم الله إنّا حفظنا غيبة رسول الله( صلّى الله عليه وآله) فيك» تاريخ الامم والملوك( الطبري) 419: 5.
[5] القول لبني عقيل:« فما يقول الناس؟! يقولون إنّا تركنا شيخنا وسيّدنا وبني عمومتنا خير الأعمام ولم نرم معهم بسهم ولم نطعن معهم برمح ولم نضرب معهم بسيف، ولا ندري ما صنعوا! لا والله! لا نفعل، ولكن تفديك أنفسنا وأموالنا وأهلونا، ونقاتل معك حتّى نرد موردك، فقبح الله العيش بعدك»، ثمّ قال سعيد بن عبدالله الحنفي وزهير بن القين قريباً من مقالتهم، فراجع: تاريخ الامم والملوك( الطبري) 419: 5.