أراد أن يراهنّ سبايا»[1].
ولم تكن هذه الإرادة إرادةً تكوينيّة، وإنّما كانت إرادةً تشريعيّة، يعني: أراد أن يصحب معه النسوة من حريم النبي (صلّى الله عليه وآله) حتّى يشارِكْنَ في المحنة، ويشارِكْنَ في اعتداء طواغيت بني اميّة؛ لكي يكون هذا عاملًا مساعداً في هزّ ضمير الامّة.
هذه الظروف العاطفيّة أيضاً حشدها باستمرار، وكان يحاول باستمرار أن يستثير كلَّ من يجده، حتّى عبد الله بن عمر، حتّى أعداءه وخصومه.
قال: «يا عبد الله بن عمر! لا تترك نصرتي»[2]؛ يعني: ليست نصرتي بأن تقبِّلني[3] وأن تكرّمني، وإنّما نصرتي بأن تمشي في خطّي، بأن تبذل دمك في الخطّ الذي أبذل فيه دمي. أمّا التقبيل، أمّا هذا النوع من التكريم الرخيص، هذا ليس له قيمة عند رسول الله (صلّى الله عليه وآله).
كان يحاول أن يهزّ ضمير الامّة، يهزّ ضمير كلِّ فردٍ من أفراد الامّة، لكنّ الامّة كانت في سبات، هذه الامّة التي ماتت إرادتها.
ب- عبيد الله بن الحرّ الجعفي الذي وصل إلى منزلٍ من المنازل، وكان الإمام الحسين (عليه السلام) في ذلك المنزل، واطّلع الإمام الحسين على أنّ عبيدالله بن الحرّ الجعفي [وصل إلى ذلك المنزل][4]، وعبيدالله بن الحرّ الجعفي له سوء
[1] قال( عليه السلام):« أتاني رسول الله( صلّى الله عليه وآله) بعد ما فارقتك، فقال: يا حسين! اخرج؛ فإنّ الله قد شاء أن يراك قتيلًا»، فقال له ابن الحنفيّة:« إنا لله وإنّا إليه راجعون، فما معنى حملك هؤلاء النساء معك وأنت تخرج على مثل هذه الحال؟»، قال: فقال له:« قد قال لي: إنّ الله قد شاء أن يراهنّ سبايا» اللهوف على قتلى الطفوف: 64- 65.
[2] قال( عليه السلام):« اتّق الله أبا عبد الرحمن، ولا تَدَعَنَّ نصرتي» الفتوح 25: 5.
[3] « فلمّا رأى ابن عمر إباءه قال: يا أبا عبدالله! اكشف لي عن الموضع الذي كان رسول الله( صلّى الله عليه وآله) يقبّله منك، فكشف الحسين( عليه السلام) عن سرّته، فقبّلها ابن عمر ثلاثاً وبكى» الأمالي( الصدوق): 153، المجلس 30، الحديث 1.
[4] ما بين عضادتين أضفناه للسياق.