السقيفة. وحيث إنّها كُتِب عليها إلى أمدٍ طويلٍ أن تعيش الحكم الإسلامي المنحرف منذ نجحت السقيفة في أهدافها، إذاً فالإسلام الذي تعطيه السقيفة في امتدادها التاريخي إسلامٌ مشوّه ممسوخ، إسلامٌ لا يحفظ الصلة العاطفيّة- فضلًا عن الفكريّة- بين الامّة ككلٍّ وبين الرسالة، بين أشرف رسالات السماء وهذه الامّة التي هي أشرف امم الأرض.
لا يُمكن أن تُحفظ هذه الصلة العاطفيّة والروحيّة بين الامّة الإسلاميّة وبين الإسلام على أساس هذا الإسلام المُعطى لهارون الرشيد ولمعاوية بنأبي سفيان ولعبد الملك بن مروان[1]، هذا الإسلام لا يُمكن أن يحفظ هذه الصلة، فكان لابدّ لحفظ هذه الصلة بين جماهير الامّة الإسلاميّة وبين هذه الرسالة من إعطاء صورةٍ واضحةٍ محدّدةٍ للإسلام، وهذه الصورة اعطيت نظريّاً على مستوى ثقافة أهل البيت، واعطيت عمليّاً على مستوى تجربة الإمام عليٍّ (عليه الصلاة والسلام).
فكان [الإمام علي] (عليه الصلاة والسلام)[2] في تأكيده على العناوين الأوّلية في التشريع الإسلامي، وفي تأكيده على الخطوط الرئيسيّة في الصيغة الإسلاميّة للحياة، كان في هذا يريد أن يقدّم المنهاج الإسلامي واضحاً، [غير ملوّثٍ][3] بلَوْثَة الانحراف التي كُتبت على تاريخ الإسلام مدّةً طويلةً.
وكان لا بدّ لكي يتحقّق هذا الهدف من أن يُعطي هذه التجربة بهذا النوع من الصفاء والنقاء والوضوح، دون أن يُعمل ما أسميناه ب- «قوانين باب
[1] مراده( قدّس سرّه): من قِبَلهم.
[2] في المحاضرة الصوتيّة:« فكان … عليه الصلاة والسلام»، حيث المقطع الصوتي بمقدار النقاط غير صالح، وفي( ف):« الإمام»، وفي( غ):« الإمام علي».
[3] المقطع الصوتي هنا غير واضح، وما بين عضادتين أثبتناه من( ف) و( غ)، وإن كان الوارد في المحاضرة الصوتيّة ليس كذلك حتماً، ولكنّه- على كلّ حال- مناسبٌ للسياق.