2- تعميق الرسالة فكريّاً وروحيّاً وسياسيّاً في ذهن الامّة:
الأمر الثاني الذي كان يمارسه الأئمّة (عليهم السلام)- حتّى في حالة الشعور بعدم وجود هذه الظروف الموضوعيّة، وبعدم تحقّق هذه الظروف التي تهيّئ الإمام (عليه السلام) لخوض المعركة في مقام تسلّم زمام الحكم من جديد، هذا الأمر الذي كان يمارسه الأئمّة (عليهم السلام) ..- هو تعميق الرسالة فكريّاً وروحيّاً وسياسيّاً في ذهن الامّة الإسلاميّة؛ بغية إيجاد تحصينٍ كافٍ تامٍّ في صفوف الامّة الإسلاميّة؛ وذلك لكي يؤثّر هذا التحصين في مناعتها وفي عدم انهيارها بعد تردّي التجربة وسقوطها.
كان من اللازم بعد أن حرمت الامّة الإسلاميّة من التجربة الصحيحة للحياة الإسلاميّة بعد وفاة الرسول الأعظم (صلّى الله عليه وآله) أن تطعّم وأن تغذّى رساليّاً بالإسلام، تغذّى في مجالها الروحي، وفي مجالها الفكري، وفي مجالها الاجتماعي والسياسي، في جميع هذه المجالات تغذّى الامّة بالإسلام، وتحصّن بالإسلام لكي تعرف الإسلام وتستوعبه.
وأعني بتعبئة الامّة هنا: لا مجموع الامّة[1]؛ لأنّ هذه لا يمكن أن تتحقّق بالنسبة لمجموع الامّة إلّا في حال وجود قيادةٍ تمارس التجربة، تمارس الحكم في الدولة والمجتمع. ولكنّ الذي أعنيه في المقام من تعبئة الامّة هو إيجاد قواعد واعيةٍ في الامّة، وإيجاد روحٍ رساليّةٍ في الامّة، وإيجاد عواطف تجاه هذه الرسالة في الامّة.
هذا هو الأمر الثاني الذي مارسه الأئمّة (عليهم السلام) على طول الخطّ، وإن كان الأئمّة (عليهم السلام) حتّى في حالة شعورهم بعدم إمكان استرجاع مركزهم المغصوب من الخلفاء الغاصبين، حتّى في هذه الحالة كانوا يعملون عملًا مهمّاً جدّاً لإنقاذ
[1] مراده( قدّس سرّه):« ولا أعني بتعبئة الامّة هنا: مجموع الامّة».