[أهل] السنّة عن عمر، إلّا أنّ عمرَ- حتّى بحسب المفهوم السنّي، لا بمفهومنا الخاص عنه (هو من المحتمل أنّه كان حقيقةً يفكّر في الإسلام على مستوى هذه الأثواب الدينيّة المصطنعة)[1]– عمر بن الخطّاب ميّز بين الناس في العطاء، ووضع تركيباً[2] طَبَقيّاً في المجتمع الإسلامي كما صنع عثمان، لكنْ فرقٌ بين عمر وعثمان؛ لأنّ عمرَ جعل هذا التركيب الطبقي على أساس خدمة الإسلام، هكذا قال: قال: بأنّ كلَّ من كان أقربَ إلى النبي أنا اعطيه أكثر، وكلّ من كان أجلَّ سوابقَ وأعظم جهاداً في سبيل الإسلام، أنا اعطيه أكثر[3].
هذا هو الثوب الديني الظاهر لهذه القصّة، وهذا ثوبٌ تقبله امّةٌ غيرُ واعيةٍ قبولًا إجماعيّاً أكثرَ ممّا تقبل النظريّة الإسلاميّة الحقيقيّة قبل أن تلتفت إلى نتائج هذا التركيب الطَبَقي.
في اللحظة الاولى- قبل أن تلتفت إلى ما سوف يتمخّض عنه هذا التركيب الطبقي من بلايا ومن كوارث ومن محنٍ في المجتمع الإسلامي- تستسيغ هذا المطلب، تستسيغ أن يكون عمُّ رسول الله أكثر الناس عطاءً، أن تكون زوجة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أكثر الناس عطاءً، أن يكون البدريّون أكثر عطاءً من الاحُديّين، وأن يكون المهاجرون أكثر عطاءً من غير المهاجرين، وأن يكون العرب- الذين كانوا مسلمين في أيّام رسول الله، وعاشوا مع الدعوة من مراحلها الاولى- أكثر عطاءً من غير العرب من الشعوب الاخرى التي دخلت جديداً في الإسلام.
[1] بقرينة قوله( قدّس سرّه):« حتّى بحسب المفهوم السنّي»، فإنّ الجملة المقوَّسة ليست خبراً ل-( إنّ)، بل هي جملة اعتراضيّة داخل الجملة الاعتراضيّة، والمراد:« إلّا أنّ عمرَ بن الخطّاب- حتّى بحسب المفهوم السنّي، لا بمفهومنا الخاص عنه- ميّز بين الناس في العطاء».
[2] يُحتمل- بحسب صوته( قدّس سرّه)- أن يكون الصادر عنه في الموارد الآتية:« الترتيب» بدل« التركيب».
[3] راجع: الطبقات الكبرى 225: 3؛ فتوح البلدان 38: 4؛ تاريخ اليعقوبي 153: 2. وراجع حول فوارق حكم عمر مع حكم عثمان: تاريخ الامم والملوك( الطبري) 338: 4.