ابنه ليس كلّه تحت هيمنته، وليس كلّه تحت سيطرته؛ لأنّ هذا الابن هو ابنه، وهو أيضاً ابن هذا المجتمع، ابن مجتمعٍ كبيرٍ يتفاعل معه ويتأثّر به ويؤثّر فيه، ويتبادل معه العواطف والمشاعر والأفكار والانفعالات، ويقيم معه العلاقات في الحقول الأخلاقيّة والاجتماعيّة والسياسيّة والاقتصاديّة، وغير ذلك من مجالات حياته.
فهو ليس ابنه وحده، بل هو ابنه وابن المجتمع، وبنوّة الولد لهذا المجتمع[1] أكبر بكثيرٍ من بنوّته لهذا الأب الذي ولد منه، ولهذا قد يعجز كثيرٌ من الآباء عن تربية أبنائهم في مجتمع فاسد.
كم سمعتم من أبٍ يتذمّر لأنّه لا يستطيع أن يربّي ابنه في آخر الزمان ومع هذا الفساد مثلًا؟! هذا كلّه لأنّه يوجد هناك أبٌ آخر أكبر منه لهذا الابن، وهو المجتمع.
إذاً، فالتربية الكاملة لا يمكن أن تكون لهذا الفرد إلّا إذا هيمن المربّي عليه، وعلى علاقاته الاجتماعيّة، وعلى روابطه مع غيره أيضاً؛ ليصبح تمامُ هذا الموجود تحت سيطرة هذا المربّي، [لتصبح] تمامُ نشاطاته وتصرّفاته تحت سيطرة هذا المربّي، شخص واحد يكون هو الأب ويكون هو المجتمع، حينئذٍ يصبح هذا مربّياً كاملًا مطلقاً بالنسبة إلى هذا الابن.
الهيمنة على العلاقات الاجتماعيّة من خلال تزعّم المجتمع:
كيف يمكن الهيمنة على هذه العلاقات الاجتماعيّة؟
هذا ما صنعه رسول الله (صلّى الله عليه وآله)؛ فإنّه هيمن على العلاقات الاجتماعيّة؛ لأنّه تزعّم بنفسه المجتمعَ، لأنّه أنشأ مجتمعاً وقاده بنفسه، فوقف رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يخطّط لهذا المجتمع، ويرسم لهذا المجتمع، ويبني كلَّ العلاقات في داخل
[1] في المحاضرة الصوتيّة وفي( ف) و( غ):« بنوّة المجتمع لهذا الولد»، والصحيح ما أثبتناه.