النظرة الكلّيّة والتجزيئيّة لحياة الأئمّة (عليهم السلام):
وهذا الاتجاه الذي اريد أن أتحدّث إليكم عنه هو الاتجاه الذي يتناول حياة كلِّ إمام ويدرس تاريخه على أساس النظرة الكلّيّة بدلًا عن النظرة التجزيئيّة، أي: يَنظُرُ[1] إلى الأئمّة ككلٍّ مترابطٍ، ويُدرَس هذا الكلّ وتُكتَشف ملامحه العامّة، وأهدافه المشتركة، ومزاجه الأصيل، ويُتفهّم الترابطُ بين خطواته، وبالتالي: الدور الذي مارسه الأئمّة جميعاً في الحياة الإسلاميّة.
ولا اريد بهذا أن نرفض دراسة الأئمّة على أساس النظرة التجزيئيّة، أي: دراسة كلّ إمام بصورة مستقلّة، بل إنّ هذه الدراسة التجزيئيّة نفسَها ضروريّة لإنجاز دراسة شاملة للأئمّة ككلّ؛ إذ لا بدّ لنا أوّلًا أن ندرس الأئمّةَ بصورة مجزّأة، ونستوعب- إلى أوسع مدى ممكن- حياة كلّ إمام، بكلّ ما تزخر به من ملامح وأهداف ونشاط، حتّى نتمكّن بعد هذا أن ندرسهم ككلٍّ، ونستخلصَ الدور المشترك للأئمّة جميعاً، وما يعبّر عنه من ملامح وأهداف وترابط.
الفارق في المُعطى على مستوى كلتا النظرتين:
1- المُعطى على مستوى الدراسة التجزيئيّة:
وإذا قمنا بدراسة الأئمّة على هذين المستويين، فسوف نواجه على المستوى الأوّل اختلافاً في الحالات، وتبايناً في السلوك، وتناقضاً من الناحية الشكليّة بين الأدوار التي مارسها الأئمة (عليهم السلام): فالحسن (عليه الصلاة والسلام) هادن معاوية، بينما حارب الحسين (عليه السلام) يزيد حتّى قُتل. وحياة السجّاد (عليه السلام) طافحة بالدعاء، بينما كانت حياة الباقر (عليه السلام) طافحة بالحديث والفقه. وهكذا …
[1] أثبتنا المعلوم والمجهول وفق ما ورد في المحاضرة الصوتيّة.