لَهُ المُلوكُ نيرَ المَذَلَّةِ عَلى أعْناقِهِمْ فَهُمْ مِنْ سَطَواتِهِ خائِفونَ، يَعْلَمُ خائِنَةَ الأعْيُنِ وَما تُخْفي الصُّدورُ وَغَيْبَ ما تَأتي بِهِ الأزْمِنَةُ وَالدُّهورُ، يا مَنْ لا يَعْلَمُ كَيْفَ هُوَ إلّاهُوَ، يا مَنْ لا يَعْلَمُ ما هُوَ إلّاهُوَ، يا مَنْ لا يَعْلَمُهُ إلّاهُوَ، يا مَنْ كَبَسَ الأرْضَ عَلَى الماءِ وَسَدَّ الهَواءَ بِالسَّماءِ يا مَنْ لَهُ أكْرَمُ الأسْماءِ، يا ذَا المَعْروفِ الَّذي لا يَنْقَطِعُ أبَداً، يا مُقَيِّضَ الرَّكْبِ لِيوسُفَ في البَلَدِ القَفْرِ وَمُخْرِجَهُ مِنَ الجُبِّ وَجاعِلُهُ بَعْدَ العُبودِيَّةِ مَلِكاً، يا رادَّهُ عَلى يَعْقوبَ بَعْدَ أنِ ابْيَضَّتْ عَيْناهُ مِنَ الحُزْنِ فَهُوَ كَظيمٌ، يا كاشِفَ الضُّرِّ وَالبَلْوى عَنْ أيُّوبَ، وَمُمْسِكَ يَديْ إبْراهيمَ عَنْ ذَبْحِ ابْنِهِ بَعْدَ كِبَرِ سِنِّهِ وَفَناءِ عُمْرِهِ، يا مَنْ اسْتَجابَ لِزَكَرِيَّا فَوَهَبَ لَهُ يَحْيى وَلَمْ يَدَعْهُ فَرْداً وَحيداً، يا مَنْ أخْرَجَ يونُسَ مِنْ بَطْنِ الحُوتِ، وَيا مَنْ فَلَقَ البَحْرَ لِبَني إسْرائيلَ فَأنْجاهُمْ وَجَعَلَ فِرْعَوْنَ وَجُنودَهُ مِنَ المُغْرَقينُ، يا مَنْ أرْسَلَ الرِّياحَ مُبَشِّراتٍ بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ، يا مَنْ لَمْ يَعْجَلْ عَلى مَنْ عَصاهُ مِنْ خَلْقِهِ، يا مَنْ اسْتَنْقَذَ السَّحَرَةَ مِنْ بَعْدِ طولِ الجُحودِ وَقَد غَدَوْا في نِعْمَتِهِ يَأكُلونَ رِزْقَهُ وَيَعْبُدونَ غَيْرَهُ وَقَدْ حادُّوهُ وَنادُّوهُ وَكَذَّبوا رُسُلَهُ، يا اللَّهُ يا اللَّهُ يا بَديءُ، يا بَديعُ لا نِدَّ لَكَ، يا دائِمٌ لا نَفادَ لَكَ، يا حَيَّ حينَ لا حَيَّ يا مُحْييَ المَوْتى، يا مَنْ هُوَ قائِمٌ عَلى كُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ، يا مَنْ قَلَّ لَهُ شُكْري فَلَمْ يَحْرِمْني، وَعَظُمَتْ خَطيئَتي فَلَمْ يَفْضَحْني وَرَآني عَلَى المَعاصي فَلَمْ يَشْهَرْني، يا مَنْ حَفِظَني في صِغَري، يا مَنْ رَزَقَني في كِبَري، يا مَنْ أياديهِ عِنْدي لا تُحْصى وَنِعَمُهُ لا تُجازى، يا مَنْ عارَضَني بِالخَيْرِ وَالإحْسانِ وَعارَضْتُهُ بِالإساءَةِ وَالعِصْيانِ، يا مَنْ هَداني لِلإيْمانِ مِنْ قَبْلِ أن أعْرِفَ شُكْرَ الامْتِنانِ، يا مَنْ دَعَوْتُهُ مَريضاً فَشَفاني وَعُرْياناً فَكَساني، وَجائِعاً فَأشْبَعَني وَعَطْشاناً فَأرْواني، وَذَليلًا فَأعَزَّني، وَجاهِلًا فَعَرَّفَني، وَوَحيداً فَكَثَّرَني، وَغائِباً فَرَدَّني، وَمُقِلًا فَأغْناني، وَمُنْتَصِراً فَنَصَرَني، وَغَنِيَّاً فَلَمْ يَسْلُبْني، وَأمْسَكْتُ عَنْ جَميعِ ذَلِكَ فَابْتَدَأني، فَلَكَ الحَمْدُ وَالشُّكْرُ يا مَنْ أقالَ عَثْرَتي، وَنَفَّسَ كُرْبَتي، وَأجابَ دَعْوَتي، وَسَتَرَ عَوْرَتي،