الاستمتاع فيها، ووسائل هذا الاستمتاع، إلى محاولة توسيع مصالحه وحاجاته الخاصّة على هذا الأساس، فينشأ ويأخذ كلّ إنسان بالعمل لصالحه الخاصّ، وفقاً لميله الفطري على حساب الآخرين.
ومن هنا تنشأ الضرورة إلى تنظيم للحياة الاجتماعيّة يعالج التناقض، ويحدّد الحقوق ويعيّن الواجبات، ويكفل للحياة الاجتماعيّة الاستقرار على صيغة معيّنة يعرف كلّ فرد ضمنها ما له وما عليه.
وهكذا نجد أنّ التنظيم الاجتماعي شرط ضروري لاستمرار الحياة الاجتماعيّة للبشريّة بعد برهة من تجربتها الاجتماعيّة، ولا يمكن بحال فصل تصوّر المجتمع عن تصوّر التنظيم الاجتماعي بشكل من الأشكال.
يجب أن يقوم النظام على أساس الدين:
عرفنا أنّ دوافع الفطرة وغريزة حبّ الذات في الإنسان، هي العامل الأساسي في تكوين الحياة الاجتماعيّة، وهي بنفسها تصبح بعد مرحلة من الشوط الاجتماعي للبشريّة عاملًا في إثارة التناقض والصراع والتفكّك، وتجعل من الضروري وضع التنظيم الاجتماعي الكفيل بالقضاء على ذلك.
وهذا التسلسل المنطقي الذي يؤدّي إلى ضرورة التنظيم الاجتماعي يبرهن على حقيقة، وهي: أنّ هذا التنظيم الاجتماعي إذا كان من وضع الإنسان نفسه، فلن يكون إلّاأداة لتكريس ذلك التناقض؛ لأنّ اتّساع مجال المصلحة الشخصيّة للفرد أدّى- كما رأينا- إلى تناقض مستقطب بين المصلحة الشخصيّة ومصلحة الوجود الاجتماعي ككلّ. فبينما كان الوجود الاجتماعي في بداية الشوط يحقّق بنفسه مصلحة للفرد بما يسمح له من مجال لتبادل التعاون مع سائر الأفراد، أصبح بعد ذلك يتعارض مصلحيّاً مع ما تتطلّبه الدوافع الذاتيّة في الفرد من توسّع،