التوازن الاجتماعي:
ووضع الإسلام للدولة مبدأ آخر يجب عليها تحقيقه، وهو مبدأ التوازن الاجتماعي. وحين وضع الإسلام هذا المبدأ حدّد مفهومه عن التوازن، فليس التوازن في مفهومه الإسلامي إلّاالتوازن بين أفراد المجتمع في مستوى المعيشة، لا في مستوى الدخل. والتوازن في مستوى المعيشة معناه أن يكون المال موجوداً ومتداولًا بينهم إلى درجة تتيح لكلّ فرد العيش في المستوى العام، أي أن يحيى جميع الأفراد مستوىً واحداً من المعيشة، مع الاحتفاظ بدرجات داخل هذا المستوى الواحد تتفاوت بموجبها المعيشة، ولكنّه تفاوت درجة وليس تناقضاً كلّيّاً في المستوى، كالتناقضات الصارخة بين مستويات المعيشة في المجتمع الرأسمالي.
وأمّا الاختلاف في الدخل، فهو أمر يقرّه الإسلام نتيجة لإيمانه بتفاوت أفراد النوع البشري في مختلف الخصائص والصفات النفسيّة والفكريّة والجسديّة؛ فهم يختلفون في الصبر والشجاعة، وفي قوّة العزيمة والأمل، ويختلفون في حدّة الذكاء وسرعة البديهة، وفي القدرة على الإبداع والاختراع، ويختلفون في قوّة العضلات، وفي ثبات الأعصاب، إلى غير ذلك من مقوّمات الشخصيّة الإنسانيّة التي وزّعت بدرجات متفاوتة على الأفراد.
وإيمان الإسلام بمبدأ التوازن الاجتماعي في مستوى المعيشة لا يعني أ نّه يفرض إيجاد هذه الحالة من التوازن في لحظة، وإنّما يعني جعل التوازن الاجتماعي في مستوى المعيشة هدفاً تسعى الدولة في حدود صلاحيّاتها إلى تحقيقه والوصول إليه بمختلف الطرق والأساليب المشروعة التي تدخل ضمن صلاحيّاتها.