تنمو قدرة الإنسان ووسائل السيطرة لديه على الطبيعة، فيصبح بإمكان أفراد قلائل ممّن تواتيهم الفرصة أن يحيوا مساحة هائلة من الأرض باستخدام الآلات الضخمة، الأمر الذي يزعزع العدالة الاجتماعيّة. فكان لا بدّ للصورة التشريعيّة من منطقة الفراغ يمكن ملؤها حسب الظروف، فيسمح بالإحياء سماحاً عامّاً في العصر الأوّل، ويمنع الأفراد في العصر الثاني- منعاً تكليفيّاً- عن ممارسة الإحياء إلّا في حدود تتناسب مع أهداف الاقتصاد الإسلامي وتصوّراته عن العدالة.
وعلى هذا الأساس، نعرف أنّ منطقة الفراغ هي المنطقة التي تتدخّل فيها الدولة تشريعيّاً لعلاج مضاعفات وانعكاسات تطوّر العلاقات البشريّة مع الطبيعة على علاقات الإنسان بالإنسان.
الدليل التشريعي:
والدليل على إعطاء وليّ الأمر صلاحيّات التدخّل التشريعي على النحو المتقدّم هو النصّ القرآني الكريم: «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ»[1].
والصلاحيّات التي يمنحها هذا النصّ الكريم لُاولي الأمر تضمّ كلّ فعل مباح تشريعيّاً بطبيعته، فأيّ نشاط وعمل لم يرد نصّ تشريعي يدلّ على حرمته أو وجوبه يسمح لوليّ الأمر بإعطائه صفة ثانويّة بالمنع عنه أو الأمر به. فإذا منع الإمام عن فعل مباح بطبيعته أصبح حراماً، وإذا أمر به أصبح واجباً. وأمّا الأفعال التي ثبت تشريعيّاً تحريمها بشكل عامّ- كالربا مثلًا- فليس من حقّ وليّ الأمر الأمر بها، كما أنّ الفعل الذي حكمت الشريعة بوجوبه- كإنفاق الزوج على
[1] النساء: 59