الأنانيّة، وتصبح اللذّة والمصلحة الشخصيّة والكسب الآني هي المقاييس بدلًا عن القيم ذات الطابع الغيبي، ويعود النظام الاجتماعي مجرّد قوّة من خارج تفرض على الفرد وتحدّد من تصرّفه وتتربّص به، فلا يستجيب الفرد للنظام الاجتماعي إلّا بقدر ما تفرض عليه الاستجابة بقوّة القانون، ولا يستطيع النظام أن ينفذ إلى قلب الفرد وروحه، وإنّما يبقى مجرّد عمليّة ضبط للسلوك بالقدر المحدود الذي يتاح للأجهزة التنفيذيّة من الرقابة والإشراف.
ثالثاً- ارتفاع النظام الإسلامي عن الواقع يتيح له القدرة على تغييره:
أمام النظام الاجتماعي وأيّ تقنين يعالج علاقة من العلاقات البشريّة هدفان:
أحدهما: تفادي المشاكل التي قد تنجم عن تلك العلاقة لو اهملت ولم تنظّم؛ فالصلة العمليّة بين العامل ورأس المال أو الزوج والزوجة هي علاقة اجتماعيّة قد تؤدّي بطبيعتها إلى ألوان من المشاكل، التي يمكن تفاديها عن طريق تنظيم تلك العلاقة وتحديد شروطها وملابساتها.
والهدف الآخر هو تربية الإنسان وتنمية مواهبه وطاقاته واستئصال نقاط الضعف من نفسه وإمداد بذور الخير بالقوّة والرعاية.
وهذان الهدفان مختلفان جدّاً؛ لأنّ الهدف الأوّل لا يمسّ إلّاالسطح الظاهري والمكشوف للعلاقات الاجتماعيّة، بينما يتغلغل الهدف الثاني إلى صميم النفس البشريّة، ويحاول إيجاد الوسط البشري الصالح لإيجاد علاقات اجتماعيّة صالحة.
وكلّ نظام ينشئه الإنسان الاجتماعي لا يمكن أن يحقّق الهدف الثاني ولا أن يكون جديراً بتربية هذا الإنسان وتصعيده في المجال الإنساني إلى آفاق