صورة الجهاد الإسلامي بين مكّة والمدينة[1]
كنت ولا زلت الاحظ عند كثيرين ممّن يتعرّضون للكتابة عن الدعوة الإسلامّة أو الحديث عنها، هو التفرقة الواضحة بين العهد المكّي والمدني من حياة النبيّ صلى الله عليه و آله والذين آمنوا معه، فيعتبرون عهد مكّة عهد التكوين الفردي والصبر والتحمّل، وعهد المدينة عهد التنفيذ وتكوين الدولة، ويحاولون أن يوضحوا خصائص كلّ من العهدين كأ نّهما صورتان تقابل إحداهما الاخرى.
وقد وقفت كثيراً عند هذا المعنى، فهو لا شكّ عميق الأثر في تفكيرنا، وعدت إلى كتب السيرة لعلّي أجد فيها النور الذي أنشده، وساءلت نفسي: ما هي خصائص العهد المكّي؟
واضح من حياة الجماعة الإسلاميّة أ نّها مرّت في مكّة بكلّ المحن التي يمكن أن تتعرّض لها مجموعة مؤمنة من الناس محاولة أن تقيم شريعة اللَّه في أرضه: ابتلوا في أجسامهم وأموالهم وأنفسهم وقاطعهم قومهم اقتصاديّاً واجتماعيّاً وانتشروا في أرض اللَّه تارةً إلى الحبشة ثمّ إلى المدينة تاركين وراءهم
[1] نشر في رسالة الجمعيّة الخيريّة الإسلاميّة، رمضان- شوّال/ 1388 ه، باسم( كاتب إسلامي كبير)