حركة الأسعار صعوداً وهبوطاً في السوق الحرّة يفسّرها علم الاقتصاد، ويكتشف قوانينها المرتبطة بكمّيّة العرض والطلب. وأمّا تقييم السوق الحرّة نفسها، وأنّ ما ينبغي أن يكون، هل السوق الحرّة أو السوق الموجّهة، فهذا من وظيفة المذهب الاقتصادي.
والاقتصاد الإسلامي الذي نحاول الآن دراسته عبارة عن مذهب اقتصادي وليس علماً للاقتصاد، فنحن حين نقول إنّ الإسلام له اقتصاده المتميّز، لا نحاول أن نزعم أنّ الإسلام جاء بعلم اقتصاد، وإنّما نعني أنّ له مذهبه الاقتصادي الخاصّ في تنظيم الحياة الاقتصاديّة، وذلك أنّ الإسلام لم يجىء ليكتشف أحداث الحياة الاقتصاديّة وروابطها وأسبابها، وليس من مسؤوليّاته ذلك، كما ليس من مسؤوليّاته أن يكشف للناس قوانين الطبيعة أو الظواهر الفلكيّة وروابطها وأسبابها. فكما لا يجب أن يشتمل الدين على علم الفلك وعلوم الطبيعة، كذلك لا يجب أن يشتمل على علم الاقتصاد.
وإنّما جاء الإسلام لينظّم الحياة الاقتصاديّة، ويضع التصميم الذي ينبغي أن تنظّم به وفقاً لتصوّراته عن العدالة.
2- الترابط في الاطروحة الإسلاميّة للحياة بما فيها الاقتصاد:
إنّنا في فهمنا للاقتصاد الإسلامي لا يمكن أن ندرسه مجزّءاً بعضه عن بعض، نظير أن ندرس حكم الإسلام بحرمة الربا، أو سماحه بالملكيّة الخاصّة بصورة منفصلة عن سائر أجزاء النظام الاقتصادي. كما لا يجوز أيضاً أن ندرس مجموع الاقتصاد الإسلامي بوصفه شيئاً منفصلًا وكياناً مذهبيّاً مستقلّاً عن سائر كيانات المذاهب الاجتماعيّة والسياسيّة الاخرى، وعن طبيعة العلاقات القائمة بين تلك الكيانات، وإنّما يجب أن نعي الاقتصاد الإسلامي ضمن الصبغة