للأثرياء في المجتمع الإسلامي.
والغني من لا تفصله في مستواه المعيشي هذه الهوّة، ولا يعسر عليه إشباع حاجاته الضروريّة والكماليّة بالقدر الذي يتناسب مع ثروة البلاد ودرجة رقيّها المادّي، سواء كان يملك ثروة كبيرة أو لا.
وبهذا نعرف أنّ الإسلام لم يعطِ للفقر مفهوماً مطلقاً ومضموناً ثابتاً في كلّ الظروف والأحوال؛ فلم يقل مثلًا أنّ الفقر هو العجز عن الإشباع البسيط للحاجات الأساسيّة، وإنّما جعل الفقر بمعنى عدم الالتحاق في المعيشة بمستوى معيشة الناس كما جاء في النصّ، وبقدر ما يرتفع مستوى المعيشة يتّسع المدلول الواقعي للفقر.
وهذه المرونة في مفهوم الفقر ترتبط بفكرة التوازن الاجتماعي؛ إذ أنّ الإسلام لو كان قد أعطى بدلًا عن ذلك مفهوماً ثابتاً للفقر- وهو العجز عن الإشباع البسيط للحاجات الأساسيّة- وجعل من وظيفة الزكاة وما إليها علاج هذا المفهوم الثابت للفقر، لما أمكن العمل لإيجاد التوازن الاجتماعي في مستوى المعيشة عن طريقها، ولاتّسعت الهوّة بين مستوى عوائل الزكاة وما إليها ومستوى المعيشة العامّ للأغنياء الذي يزحف ويرتفع باستمرار.
2- إيجاد قطاعات عامّة:
ولم يكتفِ الإسلام بالضرائب الثابتة التي شرّعها لأجل إيجاد التوازن، بل جعل الدولة مسؤولة عن الإنفاق من القطّاع العامّ لهذا الغرض؛ فقد مرّ بنا في الحديث عن الإمام موسى بن جعفر عليه السلام أنّ على الوالي في حالة عدم كفاية الزكاة أن يموّن الفقراء من عنده بقدر سعتهم حتّى يستغنوا.
وكلمة (من عنده) تدلّ على أنّ غير الزكاة من موارد بيت المال يتّسع