المنزل أو محلّ الإقامة).
واستمرّ البذل السخي في المدينة، ويكفي أن نذكر هذه الغزوات المتلاحقة وهؤلاء الشهداء الذين يتساقطون صرعى في معركة الإسلام، وكيف زادت الأعباء على المسلمين في المدينة، وكان على المجاهد أن يعدّ سلاحه ويحفظ راية الحرب ويساهم في نفقات الغزو ثمّ يتحمّل بعد هذا مع المجموعة المؤمنة أعباء اليتامى والأرامل، وظلّ هذا الخلق الأبيّ حيّاً يقظاً في نفوسهم.
التربية
: وإذا كان العهد المكّي يتّصف بتحمّل الصحابة كأفراد مسؤوليّة هذه الدعوة ووضوح إيمانهم باللَّه ووقوفهم صامدين، فقد ظلّت هذه النواحي بارزة أبرز ما تكون في المجتمع المدني أيضاً.
ونحن نقرأ في ما نزل من القرآن في مكّة قوله تعالى: «يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا»[1]، وقوله تعالى: «وَ مِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً»[2]، ونقرأ في ما نزل من القرآن في المدينة قوله تعالى: «مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَ الَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَ رِضْواناً سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ»[3].
ونرى الحقّ جلّ وعلا يتبع فتح مكّة بالتوبة والاستغفار فيقول: «إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَ الْفَتْحُ وَ رَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْواجاً فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّك
[1] المزّمّل: 1
[2] الإسراء: 79
[3] الفتح: 29