الأساس العامّ للُاجور في نظريّة التوزيع:
يفهم خلال ما تقدّم أنّ الإسلام شرّع الاجور على العمل وشرّع الاجور على الوسائل المادّيّة للإنتاج، فإذا كنت تملك كمّيّة من الصوف وسلّمتها إلى العامل لينسجها ظلّت ملكيّتك للصوف ثابتة بالرغم من تحوّله إلى نسيج، وكان للعامل عليك الحقّ في أجر يتقاضاه نظير عمله، وإذا كنت تملك كمّيّة من الصوف وأردت أن تغزلها بنفسك وحصلت على مغزل من شخص، كان من حقّ ذلك الشخص عليك أن يتقاضى منك أجراً لقاء الخدمة التي قدّمها لسماحه لك باستخدام مغزله.
فهذان نوعان من الاجور أقرّهما الإسلام.
وفي مقابل ذلك تجد أنّ الإسلام لم يقرّ بعض ألوان الاجور بل حرّمها تحريماً باتّاً. وأحد الأمثلة البارزة لتلك: الفائدة، التي هي أجر الرأسمال النقدي. فإذا كنت بحاجة في نسجك للصوف أو غزلك له إلى رأس المال النقدي تستعين به في عمليّة الإنتاج وحصلت على ذلك عن طريق القرض من شخص آخر، فليس من حقّ ذلك الشخص أن يتقاضى أجراً على ذلك.
فالإسلام يميّز بين هذا الشخص الذي ساهم في إنتاجك عن طريق سدّ حاجتك إلى رأس مال نقدي وبين ذلك الشخص الذي ساهم في إنتاجك عن طريق سدّ حاجتك إلى مغزل بوصفه أداة ماديّة للإنتاج؛ فلا يقرّ حقّ الشخص الذي زوّدك بالنقود ويحرمه من الأجر، بينما يقرّ حقّ صاحب المغزل ويجعل أجره مشروعاً، كأجر العامل الذي تستخدمه في نسج صوفك.
والأساس الذي يفسّر الاجور التي أقرّها الإسلام هو أنّ الأجر المشروع