الحقيقة باللون الذي يتّفق مع مصالحه الخاصّة. وكذلك الشخص الآخر الذي تتعارض مصلحته الخاصّة مع الربا أو الاحتكار لا يهمّه شيء كما يهمّه أن تثبت الحقيقة بشكل يدين الأنظمة الربويّة والاحتكاريّة. فتفكيره يقترن دائماً بقوّة داخليّة تحبّذ له وجهة نظر معيّنة، وليس شخصاً محايداً بمعنى الكلمة.
وهكذا نعرف أنّ تفكير الإنسان في المسألة الاجتماعيّة لا يمكن عادة أن تضمن له الموضوعيّة والتجرّد عن الذاتيّة بالدرجة التي يمكن ضمانها في تفكير الإنسان حين يعالج تجربة طبيعيّة.
ونستخلص من كلّ ما تقدّم أنّ النظام البشري لا يعتمد إلّاعلى الخبرة المحدودة التي يكتسبها الإنسان عبر تجاربه الاجتماعيّة بكلّ ما يكتنفها من نقص وما يعرّضها للخطأ والانحراف، بينما يعتمد النظام الإسلامي على تقدير من اللطيف الخبير.
ثانياً- قدرة النظام الإسلامي على إنشاء القيم الخلقيّة:
قدرة النظام الإسلامي على إنشاء القيم الخلقيّة: لأنّه يربّي الفرد المسلم على النظرة الدينيّة إلى الحياة والكون. وفي هذه النظرة الدينيّة يدرك الإنسان أ نّه يسير على خطّ طويل لا يحدّده الموت، وأنّ الموت ليس إلّاانتقالًا من مرحلة معيّنة في هذا الخطّ إلى مرحلة اخرى أوسع افقاً وأرحب مجالًا وأطول بقاءً، وعلى أساس إدراك الامتداد الواقعي للخطّ يحسّ الإنسان بأنّ المرحلة القصيرة التي يحدّدها الموت على هذا الخطّ الممتدّ ليست هي كلّ مجاله وفرصته الوحيدة للتعبير عن وجوده والتوسّع في هذا الوجود، وأنّ مراحل اخرى غيبيّة على الخطّ تنتظره وتتطلّب منه الاهتمام بمستقبله فيها. ومن الطبيعي لمن امتزج مع نفسه وروحه الإيمان بتلك المراحل الغيبيّة وامتداد الخطّ عبرها أن يكون أكثر انفتاحا