جانب النصّ ارتكاز عامّ بديهي يضع للحكم حدوداً أوسع أو أضيق وفقاً لما يفهمه هذا الارتكاز من مصالح ومناسبات، أمكن الأخذ بالحدود التي يحدّدها الارتكاز وهو معنى الفهم الاجتماعي للنصّ وتحكيم مناسبات الحكم والموضوع.
أمّا المبرّر للاعتماد على الارتكاز الاجتماعي في فهم النصّ فهو نفس مبدأ حجّيّة الظهور؛ لأنّ هذا الارتكاز يكسب النصّ ظهوراً في المعنى الذي يتّفق معه، وهذا الظهور حجّة لدى العقلاء كالظهور اللغوي؛ لأنّ المتكلّم بوصفه فرداً لغويّاً يفهم كلامه فهماً لغويّاً، وبوصفه فرداً اجتماعيّاً يفهم كلامه فهماً اجتماعيّاً، وقد أمضى الشارع هذه الطريقة في الفهم.
وتظلّ هناك أسئلة يجب أن تدرس في مجال أوسع، من قبيل ما هو مدى العموميّة التي يجب توفّرها في الارتكاز ومناسبات الحكم والموضوع، لكي تكتسب هذه المناسبات القدرة على التحكيم في فهم النصّ؟ وكيف نستفيد من الارتكاز الاجتماعي مع أنّ الارتكاز ليس ثابتاً بل هو مختلف تبعاً للظروف الفكريّة والاجتماعيّة؟
الفهم الاجتماعي للنصّ والقياس:
وعلى ضوء ما تقدّم يمكننا أن نميّز بين الفهم الاجتماعي للنصّ والقياس الذي ثبتت حرمته في الفقه الجعفري، فإنّ الفهم الاجتماعي للنصّ لا يعدو أن يكون عملًا بظهور الدليل، وحين نعمّم الحكم مثلًا- لغير ما ذكر في النصّ- لا نريد بذلك أن نقيس غير المنصوص على المنصوص، بل نستند في التعميم إلى الارتكاز الذي يشكّل قرينة على أنّ ما ذكر في النصّ إنّما جاء على سبيل المثال، فيكون الدليل نفسه ظاهراً في الحكم العامّ.