الأدوات اللازمة له، وتحلّ محلّها سيطرة الإنسان المنتج على ثروات الطبيعة. واختفاء طريقة الإنتاج الرأسمالي هذا في مجال الثروات الطبيعيّة الخام ليس حادثاً عرضيّاً أو ظاهرة عابرة، وإنّما يعبّر بشكلٍ واضح وعلى أساس نظري عن التناقض المستقطب بينها وبين أصالة المضمون النظري للاقتصاد الإسلامي.
ثبات الملكيّة في النظريّة الإسلاميّة:
ولنأخذ الآن الحالة الثانية؛ وهي حالة مواجهة الإنتاج لموادّ قد تمّ إنتاجها وتملّكها خلال عمل سابق ويراد إيجاد تطوير جديد فيها، كالنسج الذي ينصب على الغزل، وهو مادّة تمّ إنتاجها وتملّكها خلال عمل سابق ويراد تحويله في عمليّة إنتاج ثانية إلى نسيج.
والإسلام في هذه الحالة يرى أنّ السلعة المنتجة ملك لمالك المادّة التي انصبّ عليها الإنتاج؛ فمالك الغزل سوف يظلّ محتفظاً بملكيّته له بعد أن يصبح نسيجاً، والعامل الذي مارس إنتاج هذا النسيج ليس له حقّ في السلعة وإنّما له أجره الخاصّ فقط.
وهذا ناتج عن نظرة خاصّة من الإسلام للملكيّة؛ فهو يرى أنّ ملكيّة الشخص للمال إذا وجدت بسبب مشروع فلا مبرّر لارتفاعها، ومجرّد تطوّر المال أو اكتسابه صفة جديدة أو قيمة جديدة بتحوّل الغزل إلى نسيج لا يمنع عن استمرار مالكيّة الراعي الصرف الذي أنتجه وغزله. وإذا كان العامل الممارس للنسيج فرداً آخر غيره، فهو يمارس تصرّفاً في ملك الغير، لأنّ الصوف المغزول ملك للراعي ولا يجوز له التصرّف في ملك الغير بدون إذنه. فإذا أذن الراعي له في نسج ذلك الصوف على أن يكون له مجرّد الأجر كان للراعي أن يحدّد إذنه بذلك،