الإسلاميّة العامّة التي تنظّم شتّى نواحي الحياة في المجتمع، وفي إطار التربية الصالحة التي يعدّها الإسلام في المجتمع.
فعندما يستكمل المجتمع الإسلامي التربية الصالحة إسلاميّاً، ويستوعب الصبغة الكاملة لتنظيم الحياة إسلاميّاً، عندئذٍ فقط نستطيع أن نترقّب من الاقتصاد الإسلامي أن يقوم برسالته الفذّة في الحياة الاقتصاديّة، وأن يضمن للمجتمع أسباب السعادة والرفاه، وأن نقطف منه أعظم الثمار. وأمّا أن ننتظر من الرسالة الإسلاميّة أن تحقّق كلّ أهدافها من جانب معيّن من جوانب الحياة إذا طبّقت في ذلك الجانب بصورة منفصلة عن سائر شعب الحياة الاخرى، فهذا خطأ، لأنّ الارتباط القائم في التصميم الإسلامي للمجتمع بين كلّ جانب منه وجوانبه الاخرى، يجعل شأنه شأن خريطة يضعها أبرع المهندسين لإنشاء عمارة رائعة، فليس في إمكان هذه الخريطة أن تعكس الجمال والروعة- كما أراد المهندس- إلّا إذا طبّقت بكاملها.
وأمّا إذا أخذنا بها في بناء جزء من العمارة فقط، فليس من حقّنا أن نترقّب من هذا الجزء أن يكون كما أراد له المهندس في تصميمه للخريطة كلّها.
وكذلك التصميم الإسلامي، فإنّ الإسلام اشترع نهجه الخاصّ به، وجعل منه الأداة الكاملة لإسعاد البشريّة، على أن يطبّق هذا النهج الإسلامي العظيم في بيئة إسلاميّة قد صبغت على أساس الإسلام في وجودها وأفكارها وكيانها كلّه، وأن يطبّق كاملًا غير منقوص يشدّ بعضه بعضاً، فعزل كلّ جزء من النهج الإسلامي عن بيئته وعن سائر الأجزاء معناه عزله عن شروطه التي يتاح له في ظلّها تحقيق هدفه الأسمى.
ولا يعتبر هذا طعناً في التوجيهات الإسلاميّة أو تقليلًا من كفاءتها وجدارتها بقيادة المجتمع، فإنّها في هذا بمثابة القوانين العمليّة التي تؤتي ثمرها