إنّ الجانب المتطوّر من وجهة النظر الإسلاميّة هو علاقات الإنسان بالطبيعة دون علاقات الإنسان بالإنسان. وتوضيح ذلك أنّ في الحياة الاقتصاديّة نوعين من العلاقات:
أحدهما علاقات الإنسان بالطبيعة أو الثروة، وهذه العلاقات تتمثّل في أساليب الإنتاج المختلفة.
والآخر علاقات الإنسان بأخيه الإنسان التي تنعكس في الحقوق والامتيازات التي يحصل عليها هذا أو ذاك.
فالمبدأ التشريعي القائل مثلًا: إنّ الحقّ الخاصّ في المصادر الطبيعيّة يقوم على أساس العمل، وإنّ الحقّ الخاصّ في الأرض يقوم على أساس الإحياء، يعالج مشكلة عامّة يستوي فيها عصر المحراث البسيط وعصر الآلة المعقّد، لأنّ طريقة توزيع المصادر الطبيعيّة على الأفراد مسألة قائمة في كلا العصرين.
ولكن هذا لا يعني جواز إهمال الجانب المتطوّر، وهو علاقات الإنسان بالطبيعة، لأنّ تطوّر قدرة الإنسان على الطبيعة ونموّ سيطرته على ثرواتها يطوّر وينمّي باستمرار خطر الإنسان على الجماعة، ويضع في خدمته باستمرار إمكانات جديدة للتوسّع، ولتهديد الصورة المتبنّاة للعدالة الاجتماعيّة.
فالمبدأ التشريعي القائل مثلًا: إنّ من عمل في أرض وأنفق عليها جهداً حتّى أحياها فهو أحقّ بها من غيره … يعتبر في نظر الإسلام عادلًا، لأنّ من الظلم أن يساوي بين العامل الذي أنفق جهده على الأرض وغيره ممّن لم يعمل فيها شيئاً.
ولكنّ هذا المبدأ بتطوّر قدرة الإنسان على الطبيعة ونموّها يصبح من الممكن استغلاله: ففي عصر كان يقوم إحياء الأرض فيه على الأساليب القديمة لم يكن يتاح للفرد أن يباشر عمليّات الإحياء إلّافي ساحات صغيرة. وأمّا بعد أن