ولكن فات النجّار أنّ عنصر الكاربون لا يشبه افتراض وجود اللَّه، فبإمكان العالم أن ينفي وجود الكاربون في الماء إذا لم تكشفه التجربة على النحو الذي كشفت الأوكسجين، لأنّه يدخل في مجال التجربة الحسّيّة، فمن الطبيعي أن يستنتج من عدم الإحساس به عدم وجوده.
وأمّا «اللَّه»، فلا يدخل في مجال التجربة الحسّيّة، فكيف يمكن نفيه عن طريق عدم اكتشافه في هذا المجال؟!
وبكلمة اخرى: إنّ عنصر الكاربون إذاً كان موجوداً في افتراض الكاربون، وأمّا وجود «اللَّه» تعالى، فهو ليس على مستوى وجود الأسباب الطبيعيّة التي يكتشفها العلم، وإنّما هو فوقها جميعاً، […][1] في مجال الخبرة الحسّيّة لا يدلّ على نفي السبب […][2] فهو في مستوى الأوكسجين والهيدروجين، فإذا استطعنا أن نجد [حيثيّة] الماء كاملًا في الأوكسجين والهيدروجين، فلا موضع بعد ذلك […][3] إلّابالنظريّة الفرعونيّة التي تحدّث عنها القرآن الكريم حينما قال فرعون: «وَ قالَ فِرْعَوْنُ يا أَيُّهَا الْمَلَأُ ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يا هامانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلى إِلهِ مُوسى وَ إِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكاذِبِينَ»[4].
خامساً: وعندما يتناول النجّار المقارنة التي عقدها كتاب «فلسفتنا» بين الحركة بمفهومها الذي تبنّاه، وهو الخروج من القوّة إلى الفعل تدريجيّاً، و [بين] الحركة بمفهومها الديالكتيكي القائم على أساس التناقض وصراع المتناقضات في المحتوى الداخلي لها، اقتصر في نقده ل «فلسفتنا» على تكرار ما ذكر في بداية مقاله من أنّ بحثه في الحركة ليس من معطيات السماء كما يزعم الصدر، وإنّما هو
[1] و( 2) و( 3) ما بين العضادتين غير واضح في نسختنا المصوّرة عن الأصل
[4] القصص: 38