لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلى مُكْثٍ وَ نَزَّلْناهُ تَنْزِيلًا»[1].
ويلاحظ أنّ القرآن عبّر عن النزول على مستوى الامّة بالتنزيل لأنّه يتّفق مع تدرّج العمليّة، وعبّر عن النزول على مستوى القائد بالإنزال لإبراز الدفعيّة فيه، إذ نزل بروحه العامّة على الشخص الذي اختارته السماء لحمل المثل وإضاءة الطريق …
وقد استطاعت ليلة القدر أن تحقّق معناها وهي تدخل حياة النبيّ القائد بوصفها بداية انفتاح في حياته على أعظم رسالة وأضخم مسؤوليّة، وأيّ قدر أكبر من أن ترتفع به لحظة في ليلة مباركة لكي يعيش رسالة السماء ويعي أهدافها ويدرك مسؤوليّاتها؟!
وإذا كانت ليلة القدر استطاعت أن تحقّق معناها على أرفع مدى في حياة القائد الرائد، فإنّها تظلّ دائماً ليلة قدر لكلّ فرد بالقدر الذي يستطيع الفرد فيها أن ينفتح على رسالته ويسمو إلى ربّه ويحقّق شيئاً من ذلك القدر الكبير الذي صنع القائد الكبير …
وإذا كنّا في شهر رمضان نعيش ذكرى مولد الرسالة والقيادة معاً، فنحن إذن نعيش ذكرى مولدنا كامّة ووجودنا كقوّة رائدة للبشريّة الذي لم يكن إلّانتيجة هذين العاملين: عاملَي الرسالة والقيادة اللذين تمثّلا في القرآن ومحمّد صلى الله عليه و آله حين تفاعلا في ليلة قدرٍ فريدة في تاريخ الإنسان …
ولا يزال وجودنا كامّة رائدة مرتبطاً بعامل الرسالة التي مثّلها القرآن في مطلع تاريخنا وعامل القيادة الواعية على تلك الرسالة وهمومها الكبيرة …
ولا يزال القرآن الكريم كما كان بالأمس وحده القادر على إعطاء هذه
[1] الإسراء: 106