الرسالة وإنشاء الامّة على أساسها كقوّة رائدة إلى طريق الخلاص للبشريّة كلّها …
وكما نزل القرآن مرّتين: مرّة لإعداد القائد ومرّة لإعداد الامّة فأدّى دوره العظيم خلال ذلك، فهكذا اليوم يجب لكي يؤدّي القرآن الكريم دوره من جديد أن ينشئ القيادة الصالحة ثمّ الامّة الواعية، فلا بدّ للمسلمين أن يختمر القرآن في عقول القادرين منهم على الارتفاع إلى مستوى الرسالة الإسلاميّة والاندماج في إطارها ليحصل القرآن عن هذا الطريق على قيادة واعية تعبّد له الطريق إلى قلوب الناس جميعاً وعقولهم، ليمارس بالتدريج بناء الامّة وتربيتها.
وأنتم أ يّها الأعزّاء مدعوّون جميعاً للارتفاع إلى مستوى الرسالة التي يمثّلها القرآن، وبالتالي للمساهمة في قيادة الامّة وللتسامي بها إلى رسالتها الحقيقيّة التي يجسّدها الإسلام … فليصنع كلّ واحد منكم لنفسه ليلة القدر كما صنعها الرائد الأعظم صلى الله عليه و آله، ولن تكون ليلة لكلّ واحد إلّابقدر ما يرتفع في علاقته باللَّه وإدراكه للرسالة وانفتاحه على آفاقها الرحيبة.
وأنتم أ يّها الأعزّاء إذا حقّقتم قدراً جديداً فسوف تعيدون بذلك إلى الامّة قدرها وكرامتها، وتخوضون بها معركة النصر الحقيقيّة ضدّ كلّ أعدائها، ولن يضيركم بعد هذا أن يقول أعداء ليلة القدر الذين لم يستطيعوا أن يهتدوا بنورها: إن هي إلّاأساطير الأوّلين، فقد أطلقت الجاهليّة هذا الشعار في وجه كلّ مواكب السماء، قال اللَّه تعالى: «وَ إِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هذا إِفْكٌ قَدِيمٌ»[1]. .. ولم يكن على سبيل الصدفة أن تدّعي الجاهليّة في كلّ عصر الجدة وتتّهم رسالة السماء بالقدم، فإنّ الجاهليّة دائماً- بالرغم من أ نّها حلقة من تاريخ الجاهليّة العامّ الذي يضعه الإنسان المنقطع عن اللَّه- تنكر تاريخها وتحاول الهروب من ماضيها
[1] الأحقاف: 11