جديدة حول تحديد موقف المجتمع من الإنتاج، أو مكانة الإنتاج من المجتمع.
فمثلًا لماذا يعمل المجتمع لتنمية الإنتاج وما الذي يتوخّاه من وراء ذلك؟ وكيف يعمل وينفّذ برنامجه الخاص؟
إنّ هذه الأسئلة يختلف الإسلام في الجواب عليها عن الرأسماليّة والاشتراكيّة، وفقاً للفوارق الرئيسيّة بين الاسس الفكريّة لتلك المذاهب والمجتمعات المتناقضة في ذاتيّاتها المذهبيّة والحضاريّة؛ فهي بالرغم من اتّفاقها كلّ الاتّفاق على ضرورة تنمية الإنتاج، نجد أ نّها تتناقض فيما بينها لدى تحليلها للمشاكل التي أثارتها الأسئلة آنفة الذكر.
فالقوى المنتجة في حساب المذهب الاشتراكي وفي رأي المجتمع الذي يؤمن بمنهجه العام في الحياة هي القوّة الرئيسيّة التي تتطوّر وتنمو تبعاً لتطوّرها ونموّها الإنسانيّة نفسها، في أفكارها وعلائقها الاجتماعيّة وأنظمتها، فليس نموّ الإنتاج شيئاً قد يسعى إليه الإنسان أو المجتمع الإنساني وقد لا يسعى طبقاً لأهدافه الخاصّة، بل هو الشيء الذي يصنع الإنسان والتاريخ الإنساني نفسه، ويفرض وجوده عليه فرضاً؛ فسير المجتمع نحو إنتاج أوفر وقوى منتجة أضخم تعبير عن قانون طبيعي لا محيد للمجتمع البشري عن الخضوع له، مهما اتّخذ القانون من تعابير ومدلولات ثانويّة في الوعي الإنساني، وليس شيئاً مقصوداً من الإنسانيّة بوعي لكي نفتّش عن سبب أعمق لهذا العمل الواعي المقصود.
وأمّا المذهب الرأسمالي، ففي عقيدته أنّ الوفرة الإنتاجيّة هي الغاية التي يستهدفها النظام الرأسمالي من وراء تبنّيه للحريّات الاقتصاديّة، بوصفها أداة اجتماعيّة لدفع عجلة الإنتاج إلى الأمام، والسير به في اتّجاه تصاعدي. وهو يستسيغ في سبيل تحقيق هذا الهدف أن تجرّد الحريّة من كلّ المسؤوليّات الخلقيّة والإطارات التي تحدّدها، اعتقاداً منه بأنّ ذلك هو السبيل لاعتصار كلّ المواهب