والإمكانات التي تمكّن تعبئتها لقضيّة الإنتاج. فتكامل الإنتاج هو غاية الشوط الاجتماعي في كلّ من المذهب الاشتراكي والمذهب الرأسمالي، التي يستباح في سبيلها كلّ الوسائل، ولكن مع فارق بين المذهبين؛ وهو أنّ الرأسماليّة تعتبرها غاية إنسانيّة وضع النظام الرأسمالي بوعي لأجل تحقيقها، وأمّا الاشتراكيّة فتؤمن بأنّ القوى المنتجة المتنامية هي القوّة الحقيقيّة التي تضع من وراء الستار وبشكل طبيعي النظام القادر على مواكبتها في تطوّرها المتصاعد، مهما اتّخذ هذا النظام من ألوان أو غايات ظاهريّة في نظر الأفراد الذين يساهمون في عمليّات الإنتاج. ولهذا كان إيمان الاشتراكيّة بتكامل الإنتاج- كغاية أساسيّة- قائماً على أساس ماديّتها التاريخيّة، ومفاهيمها عن التاريخ، وعن الدور الرئيسي الذي تلعبه وسائل الإنتاج فيه. وعلى العكس من ذلك إيمان الرأسماليّة بتكامل الإنتاج وتنميته كغاية؛ فإنّه ليس وليد مفهوم علمي معيّن عن التاريخ والمجتمع، وإنّما هو وليد مفاهيمها الخلقيّة عن السعادة التي يجب أن يسعى الإنسان إلى تحقيقها؛ فهي لا تتجاوز في رأي الرأسماليّة حدود الواقع المحسوس المتجسّد في الإنتاج بمختلف ألوانه، ولمّا كان هذا الواقع المحدود هو المجال الرئيسي للسعادة، وكانت الوفرة الإنتاجيّة تعني ارتفاع مستوى هذا الواقع، وإشاعة الرفاه والرخاء فيه، ينتج عن ذلك أنّ نموّ الإنتاج هو الهدف الأصيل الذي يجسّد السعادة الإنسانيّة في نموّها وتكاملها.
فالعمل الاجتماعي لتنمية الإنتاج قانون حتمي لتاريخ الإنسانيّة في المفهوم الاشتراكي، وتقدير للموقف على ضوء مفهوم معيّن عن الحياة والسعادة في المفهوم الرأسمالي[1].
[1] جاء في ذيل المقال:« لم يكمل البحث»