لوناً من ألوان الهوان والعار التي يترفّع عنها الخيار والوجهاء؛ فأصبح العمل في ظلّ الإسلام ليس فقط وسيلة من الوسائل المادّيّة لضمان الحاجات وإشباعها، وإنّما هو عبادة وشرف ووسيلة من وسائل القربى إلى اللَّه تعالى والظفر بحبّه، حتّى أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله يهوي على يد مجهدة من العمل فيقبّلها ويقول عنها: «تلك يد يحبّها اللَّه ورسوله»[1]، وإنّ: «من أمسى كالّاً من عمل [يديه] أمسى مغفوراً له»[2].
كما أنّ من ألوان تشجيع الإسلام لرأس المال واهتمامه به بوصفه عنصراً آخر للإنتاج، أ نّه فرّق بين الإنفاق الإنتاجي والإنفاق الاستهلاكي، مفضّلًا الإنفاق الإنتاجي، حتّى روي عن رسول اللَّه صلى الله عليه و آله أ نّه قال: «من باع داراً أو عقاراً فلم يجعل ثمنها في [مثلها] كان قميناً أ لّايبارك اللَّه له فيه»[3]، إلى غير ذلك من ألوان التوجيه التي تكشف بوضوح موقف الإسلام من الإنتاج، ونظرته إليه، واهتمامه بتشجيعه وتحسينه، والارتفاع بمستواه.
وإلى هنا تتّفق وجهة نظر الإسلام في الإنتاج مع وجهات نظر المذاهب الاقتصاديّة الاخرى، التي تجمع مبدئيّاً على أنّ تنمية الإنتاج هدف يجب أن تعمل الدولة لتحقيقه، وتضع برنامجها الاقتصادي على هذا الأساس، ثمّ تبدأ وجهة النظر الإسلاميّة تتميّز عن المذاهب الاخرى وتتناقض معها حين تثار مشاكل
[1] انظر: اسد الغابة في معرفة الصحابة 2: 269؛ الإصابة فى تمييز الصحابة 3: 86؛ تاريخ بغداد 7: 342، وفيها:« هذه يدٌ لا تمسّها النار». وفي المبسوط للسرخسي 30: 245:« كفّان يحبّهما اللَّه». وقد ذهب الأكثر إلى أنّ الحديث من الموضوعات( انظر: الموضوعات 2: 159؛ الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة 1: 151)
[2] المعجم الأوسط 7: 289
[3] انظر مثلًا: عوالي اللآلئ 1: 108، وفيه بدل« كان قميناً أ لّا …»:« لم يبارك اللَّه له في ثمنها أو قال: لم يبارك له فيها»