وسائل الإنتاج ومواده، وهيّئ لاستعمار الأرض وإعمارها وتفجير طاقاتها واستثمارها في إنتاج السلع والطيّبات. والإسلام حين يجعل الإنسان يعي هذه الحقيقة، يدفع به إلى دوره الإيجابي الذي يجب أن يلعبه مع الطبيعة، ويضع بذلك أوّل الاسس الفكريّة التي يقوم عليها الإنتاج في المجتمع الإسلامي.
ووضع الإسلام بعد ذلك الخطّ العريض للنهج الاجتماعي في الحياة الذي يجعل لزاماً على المجتمع الإسلامي إعداد أكبر نصيب ممكن من مختلف القوى التي تتفاضل بموجبها المجتمعات البشريّة، ويكتسب بسببها المجتمع الإسلامي مزيداً من الهيبة والحصانة ضدّ المجتمعات الاخرى الكافرة: «وَ أَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ»[1]. فكلّ قوّة تدخل في هذا الحساب، وتعتبر رصيداً للمجتمع الإسلامي في صراعه المبدئي مع خصومه، فمن الواجب تنميتها واكتساب أكبر نصيب ممكن منها. ومن الواضح أنّ القوى المنتجة في المجتمع من أهمّ القوى الماديّة التي يعتمد عليها كلّ مجتمع في تعزيز كيانه، ويرصدها للتخلّص من شرّ أعدائه أو فرض كلمته المبدئيّة عليهم. وإذا كانت القوى المنتجة داخلة إلى حدٍّ ما في الخطّ العريض الذي وضعه الإسلام، أصبح من نتيجة ذلك أنّ تنمية قوى الإنتاج التي تؤدّي إلى قوّة المجتمع وتعزيز موقفه، مبدأٌ يجب اتّخاذ كلّ الوسائل المباحة شرعاً للوصول إليه.
وقد شجّع الإسلام لأجل هذا عناصر الإنتاج المختلفة، من عمل ورأس مال، وأكّد على أهمّيتها وفقاً لنظرته إلى الإنتاج؛ فحثّ على العمل مثلًا بوصفه عنصراً أساسيّاً في الإنتاج، وأعطى العمل مفهومه الصحيح، وجاء على أساس ذلك بأخلاق وقيم خلقيّة جديدة للعمل والعامل، وطرد من ذهنيّة المجتمع الأفكار التي كان يضجّ بها الواقع الجاهلي للإنسانيّة، تلك الأفكار التي كانت تعتبر العمل
[1] الأنفال: 60