متى توافرت الشروط التي تقتضيها هذه القوانين. وقبل كلّ شيء لا بدّ للاقتصاد الإسلامي، [و] للتنظيم الإسلامي للمجتمع بصورة عامّة من أن توجد التربة أو الأرضيّة الصالحة لإقامة مجتمع إسلامي عليها، وهذه التربة أو الأرضيّة تتكوّن من العناصر الآتية:
أوّلًا: العقيدة، وهي العقيدة المركزيّة في التفكير الإسلامي التي تحدّد نظرة المسلم الرئيسيّة إلى الكون والحياة بصورة عامّة.
ثانياً: المفاهيم التي تعكس وجهة نظر الإسلام في تفسير الأشياء على ضوء النظرة العامّة التي تبلورها العقيدة.
وثالثاً: العواطف والأحاسيس التي يتبنّى الإسلام بثّها[1] وتنميتها إلى صفّ تلك المفاهيم، لأنّ المفهوم بصفته فكرة إسلاميّة عن واقع معيّن يفجّر في نفس المسلم شعوراً خاصّاً تجاه ذلك الواقع، ويحدّد اتّجاهه العاطفي نحوه.
فالعواطف الإسلاميّة وليدة المفاهيم الإسلاميّة، والمفاهيم الإسلاميّة بدورها موضوعة في ضوء العقيدة الإسلاميّة الأساسيّة.
ولنأخذ لذلك مثلًا من التقوى: ففي ظلّ عقيدة التوحيد، ينشأ المفهوم الإسلامي عن التقوى القائل إنّ التقوى هو ميزان الكرامة والتفاضل بين أفراد الإنسان، وتتولّد عن هذا المفهوم عاطفة إسلاميّة بالنسبة إلى التقوى والمتّقين، وهي عاطفة الإجلال والاحترام.
فهذه هي العناصر الثلاثة: العقيدة والمفاهيم والعواطف، التي تشترك في تكوين التربة الصالحة للمجتمع.
والاقتصاد الإسلامي مرتبط بكلّ تلك العناصر ارتباطاً وثيقاً:
فهو مرتبط بالعقيدة التي هي مصدر التموين الروحي للمذهب، لأنّ العقيدة
[1] في المصدر:« بها»، وقد صحّحنا العباره وفقاً لما جاء في: اقتصادنا: 338