تدفع المسلم إلى التكيّف وفقاً للمذهب، وتضفي عليه طابعاً إيمانيّاً وقيمة ذاتيّة، بقطع النظر عن نوعيّة النتائج الموضوعيّة التي يسجّلها في مجال التطبيق العملي، وتخلق في نفس المسلم شعوراً بالاطمئنان النفسي في ظلّ المذهب، باعتباره منبثقاً عن تلك العقيدة التي يدين بها. فقوّة ضمان التنفيذ والطابع الإيماني الروحي والاطمئنان النفسي، كلّ تلك الخصائص يتميّز بها الاقتصاد الإسلامي عن طريق العقيدة الإسلاميّة التي يرتكز عليها ويتكوّن ضمن إطارها العامّ.
وهو- الاقتصاد الإسلامي- مرتبطٌ بمفاهيم الإسلام عن الكون والحياة، وطريقته الخاصّة في تفسير الأشياء، كالمفهوم الإسلامي عن الملكيّة الخاصّة وعن الربح: فالإسلام يرى أنّ الملكيّة حقّ وغاية يتضمّن المسؤوليّة، وليس سلطاناً مطلقاً، كما يعطي للربح مفهوماً أرحب وأوسع ممّا يعنيه في الحساب المادّي الخالص، فيدخل في نطاق الربح بمدلوله الإسلامي كثيرٌ من النشاطات التي تعتبر خسارة بمنظار آخر غير إسلامي.
ومن الطبيعي أن يكون لمفهوم الإسلام ذاك عن الملكيّة أثره في كيفيّة الاستفادة من حقّ الملكيّة الخاصّة، كما أنّ من الطبيعي أيضاً أن يتأثّر الحقل الاقتصادي بمفهوم الإسلام عن الربح أيضاً بالدرجة التي يحدّدها مدى عمق المفهوم وتركّزه، وبالتالي يؤثّر المفهوم على مجرى الاقتصاد الإسلامي خلال تطبيقه.
وهو- الاقتصاد الإسلامي- مرتبطٌ بما يبثّه الإسلام في البيئة الإسلاميّة من عواطف وأحاسيس قائمة على أساس مفاهيمه الخاصّة، كعاطفة الاخوّة العامّة التي تفجّر في قلب كلّ مسلم ينبوعاً من الحبّ للآخرين، والمشاركة لهم في آلامهم وأفراحهم. ويسري هذا الينبوع ويتدفّق تبعاً لدرجة الشعور العاطفي بالاخوّة وانصهار الكيان الروحي للإنسان بالعواطف الإسلاميّة والتربية المفروضة