الثابتة في حياة الإنسان.
وأمّا تفاصيل تلك الخطوط والأساليب التفصيليّة التي تحدّد طريقة إشباع تلك الحاجات فقد اتّخذت منها الشريعة أحد موقفين:
فإمّا أن تتركها للجوانب المفتوحة من النظام الاجتماعي، فالتشريع الثابت يشتمل على الخطّ العريض لإشباع الحاجة، والتفاصيل موكولة تشريعيّاً إلى وليّ الأمر يجتهد فيها وفقاً للظروف والملابسات. ومثال ذلك التشريع الإسلامي الثابت لإعداد القوّة الحربيّة؛ فقد عالج الحاجة الأساسيّة الثابتة على مستوى الخطّ العريض: «وَ أَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ»[1] وترك تفاصيل القوّة وأساليب إعدادها إلى تشريعات من القسم الثاني يمارسها وليّ الأمر وفقاً للظروف المتجدّدة في كلّ عصر. هذا هو الموقف الأوّل للشريعة تجاه التفاصيل.
والموقف الثاني لها هو ما نجده عندما يكون التشريع الثابت في التنظيم الإسلامي للمجتمع قد عالج الحاجة الأساسيّة علاجاً تفصيليّاً ووضع الأساليب المحدّدة لإشباعها أيضاً، فإنّ هذا التشريع الثابت بوصفه قد تكفّل بكلّ التفاصيل يفقد المرونة اللازمة لمراجعة الظروف المستجدّة في كلّ عصر، ولهذا تعوّض الشريعة عن هذه المرونة عن طريق فئة خاصّة من التشريعات التي تدخل في نطاق القسم الثابت من التشريع، وهي فئة اعدّت تشريعيّاً لتكييف التشريعات الثابتة الاخرى وتعدّل منها باستمرار إذا كانت تلك التشريعات قد استعرضت كلّ التفاصيل، وتضمّ هذه الفئة قواعد عديدة كقاعدة «لا ضرر ولا ضرار في الإسلام»[2] وقاعدة «لا حرج في الدين»[3] وقاعدة «كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْن
[1] الأنفال: 60
[2] وسائل الشيعة 26: 14، الباب الأوّل من أبواب الفرائض والمواريث، الحديث 10
[3] المقتنصة من: الحجّ: 78؛ المائدة: 6