الإسلامي.
ومن ناحية اخرى إنّ شعور الامّة الإسلاميّة بأنّ النظام الإسلامي مرتبط بتاريخها وأمجادها، ومعبّر عن أصالتها، ومنقطع الصلة تاريخيّاً وفكريّاً بحضارات المستعمرين، يجعل ضمير الفرد الشرقي المستعمَر منفتحاً عليه، بينما ينكمش تجاه الأنظمة المستمدّة من الأوضاع الاجتماعيّة في بلاد المستعمرين ويعيش حسّاسيّة شديدة ضدّها، وهذه الحسّاسيّة تجعل تلك الأنظمة- حتّى ولو كانت صالحة ومستقلّة عن الاستعمار من الناحية السياسيّة- غير قادرة على تفجير طاقات الامّة وقيادتها في معركة البناء، فلا بدّ للُامّة إذن- بحكم ظروفها النفسيّة التي خلقها عصر الاستعمار وانكماشها تجاه ما يتّصل به- من إقامة نهضتها الحديثة على أساس نظام اجتماعي ومعالم حضاريّة لا تمتّ إلى بلاد المستعمرين بنسب.
وهذه الحقيقة الواضحة هي التي جعلت عدداً من التكتّلات السياسيّة في العالم الإسلامي ترتدّ في بعض الأحيان إلى فكرة متخلّفة ذهبت مرحلتها التاريخيّة، وهي اتّخاذ القوميّة نفسها فلسفة وقاعدة للحضارة، وأساساً للتنظيم الاجتماعي حرصاً منهم على تقديم شعارات منفصلة عن الكيان الفكري للاستعمار انفصالًا كاملًا، غير أنّ القوميّة في الحقيقة ليست إلّاعبارة عن انتماء الفرد إلى مجتمع معيّن له تاريخه ولغته وليست فلسفة ذات مبادئ، ولا عقيدة ذات اسس، ولا تعني رأسماليّة ولا اشتراكيّة ولا ديمقراطيّة ولا دكتاتوريّة ولا كفراً ولا إيماناً، بل هي بحاجة إلى الأخذ بوجهة نظر معيّنة تجاه الكون والحياة، وفلسفة خاصّة تصوغ على أساسها معالم حضارتها ونهضتها وتنظيمها الاجتماعي.
ويبدو أنّ كثيراً من الحركات القوميّة أحسّت بذلك أيضاً وأدركت أن