وثانياً: لإيجاد التوافق بين الجانب الروحي والجانب الاجتماعي من حياة الإنسان المسلم، وذلك أنّ الأنظمة الاجتماعيّة الاخرى غير الإسلام لا تعالج إلّا جانب العلاقات الاجتماعيّة من حياة الإنسان، تاركة- على الأغلب- الجانب الروحي الذي يشمل علاقة الإنسان بربّه وتنميته لإرادته وأخلاقه ومُثُله، فإذا أخذنا تشريعاتنا للحياة الاجتماعيّة ونظامها من مصادر بشريّة بدلًا عن النظام الإسلامي لم نستطع أن نكتفِ بذلك عن تنظيم آخر، أي الجانب الروحي منه، ولا يوجد مصدر صالح لتنظيم حياتنا الروحيّة إلّاالإسلام، ولأجل ذلك ينشأ التناقض حينئذٍ بين طريقة تنظيم حياتنا الروحيّة المستمدّة من الإسلام وطريقة القوانين الوضعيّة في تنظيم الحياة الاجتماعيّة؛ لأنّ الطريقتين مختلفتان ومتعارضتان في اسسهما وقواعدهما، مع أنّ الحياة الروحيّة والحياة الاجتماعيّة متفاعلتان. ونتيجة ذلك أن يسود القلق ويتأرجح الفرد المسلم بين التيّار الروحي والتيّار الاجتماعي، ويعيش في حالة تناقض بين المصادر التى يستلهمها في تنظيم حياته الروحيّة، والمصادر التي تنظّم حياته الاجتماعيّة.
وعلى العكس من ذلك كلّه، إذا اتّخذنا الإسلام قاعدة للتنظيم والتشريع في مختلف شؤون الحياة الروحيّة والاجتماعيّة، فإنّنا بذلك نبني حياتنا كلّها على أساس قاعدة واحدة وهي الإسلام، بدلًا عن قاعدتين متنافرتين.
وثالثاً: إنّ تبنّي الامّة للنظام الإسلامي المرتبط بعقيدتها وتاريخها بدلًا من الأنظمة والمذاهب الاجتماعيّة الاخرى، يساهم بدرجة كبيرة في المعركة التي تخوضها الامّة ضدّ الكافر المستعمر منذ غزا العالم الإسلامي بجيوشه العسكريّة والفكريّة؛ لأنّه يحرّرها من التبعيّة الفكريّة لمذاهب المستعمرين أنفسهم، ويؤكّد للُامّة شخصيّتها العقائديّة الخاصّة، ووجودها المتميّز، ويقضي على كلّ أنواع الأفكار التي نشرها الكافر المستعمر بقصد إعاقة حركات التحرّر في العالم