وبالجملة: الظاهر أ نّه لم يرد في الفقه حديثٌ صحيح إلى عمر بن أبان الكلبي عن ضريس الكناسي إلّاهذا الحديث الوارد في ما نحن فيه، والأمر يحتاج بعدُ إلى زيادة تتبّع.
وعلى أيّة حال، فهذه الروايات وإن دلّت بإطلاقها على تحليل مطلق الخمس، لكنّها مخصّصة بما سيجيء إن شاء اللَّه تعالى من الأخبار الصحيحة الدالّة على عدم تحليل خمس أرباح المكاسب، وإن كان بعضها أو جميعها لا يدلّ على عدم التحليل في مطلق الأزمان؛ فقد حقّقنا في علم الاصول[1] أ نّه بعد انتهاء أمد المخصّص لا يجوز الرجوع في إثبات حكم العام الفوقاني لباقي الأزمان إلى الإطلاق الأزماني. نعم، يجوز الرجوع فيه إلى العموم الأزماني.
لكنّ هذه الأخبار- كما ترى- ليس فيها عموم أزماني، وإنّما إطلاق أزماني.
وبالجملة: فخمس أرباح المكاسب خارجٌ عن إطلاق هذه الأخبار؛ نظراً لتخصيصها بأخبار صحيحة السند. أمّا باقي أقسام الخمس، فلا يمكن أيضاً إثبات تحليلها بهذه الأخبار؛ لابتلائها بالمعارض وإن لم يكن هذا المعارض صحيح السند؛ فإنّ الفرض هو صحّة التمسّك بالأخبار الضعاف، وإلّا لم يصحّ التمسّك بهذه الأخبار أيضاً.
هذا والمعارضة بينهما إنّما هي بالتباين؛ لأنّنا لا نقول بنظريّة انقلاب النسبة[2]، فبعد التساقط نرجع إلى أصالة عدم التحليل.
[1] راجع: بحوث في علم الاصول 3: 350، 6: 329
[2] راجع: مباحث الاصول ق 2، ج 5: 660- 682؛ بحوث في علم الاصول 7: 288- 312؛ بحوث في شرح العروة الوثقى 1: 232