فهذا تحليلٌ من الأمير عليه السلام، ولا يدلّ على صدور التحليل من باقي الملّاك لباقي الأزمنة. كما أنّ نقل أبي جعفر عليه السلام ذلك عن جدّه الأمير عليه السلام لا يدلّ على إمضائه؛ فإنّ الظاهر أ نّه إخبارٌ عن تفضّل الأمير عليه السلام، وهذا الإخبار يؤثّر في سرور الشيعة بعلمهم أ نّهم طيّبو المولد. ولو فرض دلالته على الإمضاء، فإنّما يدلّ على إمضاء نفسه عليه السلام لا إمضاء باقي الأئمّة عليهم السلام.
هذا وأمّا التعليل بقوله: «ليطيب مولدهم»، فلا يدلّ على أنّ التحليل ثابتٌ من باقي الملّاك أيضاً وغير مختصٍّ بالأمير عليه السلام؛ وذلك لاحتمال كون تحليل الأمير عليه السلام من جهة أنّه في ذلك الزمان كان أكثر آباء [المتشيّعين] من العامّة، أو كان الشيعة غير ملتفتين إلى هذه الأحكام، فحلّل عليه السلام ذلك ليطيب مولدهم، وهذا بخلاف الأزمنة اللاحقة.
نعم، لو ثبت التحليل في الزمان المتأخّر ليطيب مولدهم، دلّ على التحليل في الزمان المتقدّم أيضاً.
حصيلة البحث حول المحلَّل من حقوقهم عليهم السلام:
لقد تحصّل من جميع ما ذكرناه أ نّه لم يحلَّل من حقوقهم عليهم السلام إلّاامورٌ ثلاثة:
الأمر الأوّل: ما كان من حقّهم عليهم السلام في أيدي العامّة فوقع في يد الشيعة، الدالّ على حلّيّته صحيحُ الفضلاء وموثَّقُ يونس، على إشكالٍ فيهما كما عرفت.
ويكفينا في إثبات حلّيّة ذلك التمسّكُ بالسيرة المتّصلة بزمان الأئمّة عليهم السلام؛ فإنّ الشيعة كانوا قليلين وكانت معاملتهم مع العامّة، مع العلم الإجمالي بثبوت حقّ الإمام عليه السلام في ما يقع في أيديهم.