الحقّ فلا ينفذ هذا الوفاء، وإلّا، فلو لم يطالب وسكت عنه فهو وفاء صحيح.
وهذا القسم الثاني هو ما نعنيه بقولنا: إنّه وفاء متوسّط.
هذا كلّه في النظرية الفقهيّة الاولى للوفاء، وهي كما تناسب الحوالة على المدين كما عرفت، فكذلك تناسب الحوالة على البريء؛ بأن يحيل زيد دائنه (عمرواً) على خالد البريء من ثبوت أيّ حقّ في ذمّته، وذلك بنكتة زائدة، وهي تصوير الوفاء بغير مال المدين.
وتوضيحه: إنّ الوفاء بالفرد الخارجي كما يكون تارةً بالفرد الخارجي المملوك للمدين واخرى بالفرد الخارجي غير المملوك له- كما فيما إذا تبرّع شخص بالوفاء عن المدين-، فكذلك الوفاء بالفرد الذمّي: تارةً يكون بالفرد الذمّي المملوك للمدين- كما في الحوالة على المدين- واخرى يكون بالفرد الذمّي غير المملوك له، كما في الحوالة على البريء.
إذن: فالنكتة في جميع الصور واحدة، غاية الأمر أ نّه لا بدّ في الوفاء بغير المملوك- سواء كان بالفرد الخارجي غير المملوك أم بالفرد الذمّي غير المملوك- من إذن ذلك الغير، المالك لهذا المال أو لهذه الذمّة. وعليه: فيشترط في التبرّع رضاية المتبرّع، وفي الحوالة على البريء رضايته أيضاً.
هذه هي النظرية الفقهيّة الاولى للوفاء، وقد عرفت أ نّها تناسب كلا قسمي الحوالة- أي الحوالة على المدين والحوالة على البريء- على ضوء البيان المزبور.
2- النظرية الفقهيّة الثانية للوفاء:
وهي أن يكون المحيل هو المستوفي للدَّين والمحتال هو الموفي له؛ بأن نفرض أنّ لزيد (المحيل) في ذمّة خالد (المحال عليه) عشرة دنانير، ولعمرو (المحتال) في ذمّة زيد (المحيل) عشرة دنانير أيضاً، فيوفي عمرو بعشرة دنانير