فإنّ إقراضها وإن كان سبباً شرعيّاً لانشغال ذمّتها، لكنّ الأفراد القائمين عليها ليسوا أولياء شرعيّين عليها، ويكون تملّك الحكومة- حتّى يصحّ الاقتراض منها- فاقداً على الأغلب لكلا الشرطين؛ لأنّ الأفراد القائمين عليها ليسوا أولياء عليها، وكثيرٌ من الأموال التي يأخذونها من الناس ليست بسببٍ شرعيٍّ في نفسه.
وعليه: فهذا المال الذي يأخذه المقترض بعنوان القرض من الحكومة يلحقه أيضاً حكم الأموال المأخوذة من الحكومة غير الشرعيّة، وهو أ نّه:
أ- إن احتمل أنّ هذا المال الذي أخذه مالٌ مستوردٌ من الكفّار وأ نّه أوّل شخصٍ أخذ هذا المال من الحكومة، حيث إنّ الأوراق النقديّة تطبع في زماننا عادةً في بلاد الكفر وتصدّر منها؛ لاحتياج طبعها- بحيث لا يمكن تزويرها- إلى نوعٍ من الخبرة غير المتوفّرة لدى كلّ أحد: ففي هذه الحالة تجري أصالة عدم تملّك المسلم لهذا المال وعدم حيازته له حيازةً مملّكة، ولا يعارضها أصالة عدم تملّك المسلم لباقي الأموال الموجودة عند الحكومة؛ لخروجها عن محلّ الابتلاء.
ب- وأمّا إن كان له علم إجمالي بأنّ بعض هذا المال للمسلمين، أو على الأقلّ يعلم إجمالًا بأنّ بعض ما أخذه [أو] سوف يأخذه من الحكومة ملكٌ للمسلمين بنحو العلم الإجمالي التدريجي، فأصالة عدم تملّك المسلم تتعارض في الأطراف وتتساقط، ولا بدّ حينئذٍ من تطبيق حكم مجهول المالك.
3- بنك المسلمين:
أمّا القسم الثالث، وهو البنك الذي يكون لفردٍ مسلم أو لأفراد مسلمين، فالإقراض والاقتراض منه صحيح في نفسه، ويكون القرض الربوي باطلًا وحراماً.